ج5-حماية المستهلك من الشروط التعس 

Publié le par droit

  السابق  5  التالي
حماية المستهلك من الشروط التعسفية
اعداد: منير البصري- احمد المنصوري
المطلب الثاني :الحماية القانونية للمستهلك في القانون المغربي :
الفرع الأول : مدى فعالية قواعد القانون المدني لمقاومة الشروط التعسفية في عقود الاستهلاك.
إن الحديث عن عدم فعالية قواعد القانون المدني في مقاومة الشروط التعسفية يتطلب منا بحثا واسعا ومطولا لا يسمح المجال به لذا سيتم تناوله بكيفية جد موجزة مع محاولة على أن نركز على القواعد التي لها علاقة مباشرة بعقود الاستهلاك. أول ما سنبدأ الحديث عنه هو غياب مبدأ عام في القانون المدني ليمكن من مواجهة الشروط التعسفية، وتحقيق التوازن العقدي بصفة عامة كأبرز عامل محدد لعدم الفعالية إضافة إلى غياب وسائل وقائية على تجنب هذه الشروط. إضافة إلى قصور نظرية عيوب الإرادة عن تحقيق هذا الهدف والمقاومة المحددة ببعض الشروط.
 الفقرة الأولى:غياب مبدأ عام لتحقيق التوازن ومواجهة الشروط التعسفية
إن تشبع القانون المدني بمبدأ سطان الإرادة لم يترك أي مجال لمبدأ تحقيق التوازن بين أطراف العقد فبمجرد إبرام العقد يصبح هذه الأحير قانون الطرفين- فمن قال تعاقدي قال عادل- في الحقيقة لا وجود لمبدأ عام لا في القانون المغربي ولا في نظيره الفرنسي يسعى إلى إقامة توازن عقدي بصفة مباشرة.
لكن هذا لا يمنع من أن نجد في القانون المدني عدة نظريات يمكن أن تؤمن التوازن العقدي لو تقييدها  والتضييق من مجال تطبيقها وفي بعض الأحيان عدم إثارتها في مجال عقود الاستهلاك.
إن هذا ما ينطلق على نظرية السبب ونظرية الغبن ومبدأ حسن النية والتعسف في استعمال الحق والإثراء بلا سبب.
نظرية السبب
انطلاقا من هذه النظرية يمكن القول بأن الإلتزام الذي لا سبب له أو المبني على سبب غير مشروع-10- بعد كأن لم يكن ( ف 62 ق.ل.ع) فالعقد بدون سبب عقد باطل-11-
السؤال المطروح في إطار الحديث عن دور هذه النظرية في تحقيق التوازن ومواجهة الشروط التعسفية هو هل يمكن الاعتماد عليها كمبدأ عام في هذا الإطار بالنظر إلى نصوص ق ل ع ( خاصة الفصل 62 ) يتبين أن نظرية السبب لا يمكن الاعتماد عليها في مجال عقود الاستهلاك لأنها لا تثور أصلا من الناحية العملية فالمطلوب هو مواجهة عدم التوازن بين التزامات المهنيين والمستهلكين وليس إثارة غياب السبب الذي تبني عليه والشرط غير المتوازن لا يمكن أن يبطل بناء على غياب السبب.
نظرية الغبن :
انطلاقا من قراءة الفصول المنظمة للغبن في القانون المغربي: يظهر عدم فعاليتها من مواجهة ظاهرة الشروط التعسفية ، فنحن نعرف بأن الغبن لا يمكن أن ينتج عنه إبطال إذا نتج عن ذلك تدليس الطرف أو نائبه أو الشخص الذي تعامل من أجله ف 55 من ق.ل.ع .
إذن مجرد الغبن لا يخول إبطال العقد في القانون المدني . ما عدا الاستثناء الذي نصت عليه المادة 56 من ق.ل.ع. حيث يمكن أن ينتج عن مجرد الغبن إبطال للعقد في حالة ما إذا كان الطرف المغبون قاصر أو ناقص الأهلية وزاد الفرق بين الثمن المذكور في العقد والقيمة الحقيقية للشيء على الثلث .من هذا المنطلق يتضح أن نظرية الغبن في التشريع المغربي لها نطاق جد ضيق إلى حد كبير بحيث لا يمكن الإعتماد عليها لمواجهة عدم التوازن العقدي، لأنه لا يمكن أن يحتوي عدم التوازن المطروح في العلاقة بين المستهلك والمهني. لا يمكن أن يعتبر وفقا للتشريع المغربي ( ف 55 من ق.ل.ع ) إلا إذا نتج عن تدليس الطرف الأخرأة نائبه فنطاق الغبن جد ضيق لا يمكن أن يشمل إلا حالات محدودة جدا .
مبدأ حسن النية .
بالنسبة لهذا المبدأ ينص عليه الفصل 231 من ق.ل.ع بقوله " كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية. فأطراف العقد يجب أن تتعامل طبقا لهذا المبدأ بأن لا يستغل أحد الأطراف ظروف ووضعية الطرف الأخر لإرهاقه والاجحاف بحقوقه لذلك فالمهني يجب أن يراعي ذلك في وضعه المسبق لشروط العقدومبدأ حسن النية، هذا كما يتضح من الفصل 231 من ق.ل.ع والفصل 1134/3 من ق.ل.ع يقتصر على مرحلة تنفيذ العقد ،إلا أن الفقه أجمع على أن مبدأ حسن النية هو مبدأ شامل لجميع مراحل التعاقد وهذا ما أكده القضاء الفرنسي. الأمر الذي يمكن معه إتخاد هذا المبدأ وسيلة لتدخل القاضي لتحقيق التوازن بين المهني والمستهلك وقد سبقت الإشارة إلى أن محكمة النقض الفرنسية وجدت في هذا المبدأ السبيل لإقرار الإلتزام بالإعلام.
لكن القضاء الفرنسي وكما ذكر ذلك الفقيه Auloy  يستعمل هذا المبدأ في مواجهة الشروط التعسفية، وهو ما جعله غير فعال في مواجهة هذه الشروط، وبالتالي فهو لا يشكل تقنية قانونية مستقلة للتوازن العقدي لا في القانون الفرنسي ولا في نظيره المغربي.
ورغبة في تحقيق نوع من التوازن في العلاقات العقدية بين الطرف الضعيف والطرف القوي يقترح بعض الفقه المغربي أن يعاد النظر في قانون ل . ع المغربي في اتجاه تحقيق عدالة أفضل، ومن بين ما يقترحه الاستاذ خالد عيد  في ما يتعلق بمبدأ حسن النية التعاقدية فأسس العدالة ومنطقها السليم يفرضان بالضرورة في نظره، أن يكون مبدأ احترام الإرادة مقيد أصلا بعدة مبادئ يفرضها مبدأ العدالة في ذاته . ومن أول هذه المبادئ هذه المبادئ، مبدأ ظاهرة الباعث كقيد نفسي أخلاقي يضمن حماية التوازن بين الحقوق والواجبات من عبث الأنانية الفردية بقوة القانون.-12-
مع ذلك فهذا المبدأ غير فعال في مواجهة الشروط التعسفية وعدم التوازن العقدي لعدم استعماله من قبل القضاء المغربي-13-.
- التعسف في استعمال الحق
أما فيما يتعلق بالتعسف في استعمال الحق، فيمكن الاستناد إليه نظريا لمواجة الشروط التعسفية. فكل شخص له الحق في أن يعرض على جمهور المستهلكين مختلف نماذج العقود لشراء السلع والخدمات، لكن لا يكون له الحق أن يتعسف في استعمال هذا الحق بتضمين هذه العقود شروط تعسفية، إن نظرية التعسف في استعمال الحق لم تطرح أبدا على القضاء كما أن المشرع المغربي لا يأخد بهذه النظرية.
- الإثراء بلا سبب-14-
الذي يقضي بانه لا يسمح لأي شخص بان يثرى على حساب الغير بدون سبب، فلا يضمن أي فعالية كحماية المستهلك من الشروط التعسفية فهو يستلزم غياب سبب الإتراء، وهذا الأخير موجود في العلاقة بين المستهلك والمهني وهو العقد.
وكان القضاء المغربي يعتمد على هذا الشرط في مراجعة الشرط الجزائي قبل تعديل المادة 264 ق ل ع .
حيث ذهب المجلس الأعلى في قرار له إلى أن ليس هناك ما يمنع قضاء الموضوع من مراجعة مبلغ الشروط الجزائية المبالغ فيها لإثراء أحد المتعاقدين على حساب اللآخر -15- غير أن هذا التوجه للقضاء المغربي لم يكن توجها عاما بحيث يسمح بالإعتماد على هذا المبدأ في إقامة التوازن العقدي.
-الفقرة الثانية :قصور نظرية عيوب الإرادة في  مواجهة الشروط التعسفية:
 من خلال قرائتنا لعيوب الإرادة التي ينظمها ق ل ع يتضح عدم فعاليتها في توفير مناخ ملائم لتأكيد صحة إرادة المستهلك، فالمؤثرات الحقيقة التي تدفع المستهلك إلى التعاقد في وضع يميل فيه ميزان اللالتزامات التعاقدية إلى ما يحقق مصلحة المهني لا تعتبر عيوما للإرادة وهي على الخصوص، احتياج المستهلك إلى التعاقد للحصول على السلع والخدمات من جهة، وضعف   وعدم خبرته من جهة أخرى-16-.
ويبقى للمستهلك أن يلتجأ إلى عيوب الرضا للقول بأن رضاه لم يكن سليما حتى يستطيع إبطال العقد الذي يتضمن شرط تعسفي، والأمر يتعلق هنا  بعيب الإكراه والغلط والتدليس.
الإكراه
إن الإكراه باعتبرا عيب للإرادة تضمنته قواعد القانون المدني لا يمكن أن نتخذه كوسيلة لمواجهة الشروط التعسفية، لأن ما يتم العمل به في مجال السلع والخدمات ، لايبين أن هذه العقود تتم تحت ضغط الإكراه كما جاء في ق.ل.ع أي كإجبار يباشر من غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر عن أن يعمل عمل بدون رضاه.-17-
الإكراه الذي يتعرض له المستهلكون من قبل المهني هو أكثر حساسية، ولم يأخده في الحساب واضعوا القانون المدني . فالإكراه الاقتصادي (الحاجة إلى التعاقد) والإكراه الناتج عن ضعف القدرة والخبرة لا يخول إبطال العقد وفقا للقانون المدني .
ومن هذا المنطلق فإن ما يتعرضوا له الستهلكون من ضغوط واقعية وعملية لا يمكن تكييفها على أن أنها إكراه من شانه أن يعيب الإرادة وبالتالي يسمح بإبطال العقد.
- الغلط
باعتبراه عيب من عيوب الإرادة يؤدي إلى إبطال العقد، إذا وقع في ذات الشيء أو في نوعه أو في صفة فيه كانت هي السبب الدافع إلى التراضي ( ف 41 من ق.ل.ع.)
-في فرنسا حاول القضاء-18- تفعيل نظرية الغلط عن طريق فرض اللاتزام بالإعلام على عاتق المهني بشكل يؤدي إلى استبعاد احتمال وقوع المستهلك في غلط بشأن الشروط التعسفية ، حيث ربط الاجتهاد القضائي بين الالتزام بالإعلام حول الشرط والغلط، فإذا لم يتم إعلام المتعاقد حول الشرط فإن ذلك يؤدي إلى إبطال الشرط ، ومن تم إبطال العقد بسبب الغبن.
 رغم إن كل هذا تبقى هذه النظرية قاصرة في توفير حماية للمستهلك.
التدليس
المادة 52 من ق.ل ع تنص على أن التدليس يخول الإبطال إذا ما كان قد لجأ إلي الحيل والكتمان على المتعاقد أو نائبه أو شخص أخر يعمل بالتواطؤ معه قد بلغت في طبيعتها حدا . بحيث لولاها لما تعاقدا الطرف الأخر.
*المشرع المغربي يأخد بالتدليس  الجوهري الذي يدفع إلى التعاقد للقول بإمكانية إبطال العقد.
بالنسبة للتدليس الثانوي الذي يرتبط فقط ببعض شروط العقد لا يخول الإبطال وإنما مجرد التعويض، .وهذا ما تؤكده المادة 53.
الفرع الثالث : حماية المستهلك في مشروع القانون
          في هذا الفرع سنتطرق فقط لأهم ما جاء به مشروع القانون من حماية المستهلك وذلك من خلال سرد ما جاء في بعض نصوصه .
           أهم ما جاء به المشروع القانون هو أنه قام بتحديد مفهوم الشرط التعسفي في المادة 24 وحيث اعتبر أن الشرط التعسفسي هو كل شرط لم يكن خاضع للمفاوضة أي قمت كتابته مسبقا من قبل المهني وأن يترتب عن هذا الشرط عدم التكافؤ في الحقوق والالتزامات بين المهني والمستهلك" .
 كما أن المشرع قد أناط بجهاز المجلس الوطني مهمة تحديد الشروط التعسفية في المادة 99 من المشروع
وتجديد الشروط التعسفية هو شيء جد مهم كما هو معلوم لأنه انطلاقا من التحديد نستطيع مواجهة الشروط التعسفية وهذا ما قام به المسرع الفرنسي في خطواته الأولى .
    كما حاول مشروع قانون حماية المستهلك تحقيق قفزة نوعية في مجال إعلام المستهلك حيث نجد المادة 4 فرضت التزام على المهني بإعلام المستهلك ، وأكدت ذلك المادة 5 من المشروع التي نصت على حقوق الإعلان بالتمن باللغة العربية وبتسليم الفاتورة إلى كل مســتهلك ,
 ونجد المشرع يعطي للقاضي دور مهم في مواجهته الشروط التعسفية حيث نجده ينص أن الشروط التي تعـرض على المستهلك يجب صياغتها بكيفية واضحة وفي حالة الشك يفسر لصالح المستــهلك .
 وفي الأخيــر نص  على إمكانية إعطاء المجلس الوطني الاستهلاك تحديد لائحة غير حصرية بالشروط التي تعتبر تعسفية حتى يسهل على القضاء الحكم بيطـلانها .

Publié dans droit (arabe)

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article