ج6-حماية المستهلك من الشروط التعس 

Publié le par droit

حماية المستهلك من الشروط التعسفية
اعداد: منير البصري- احمد المنصوري
المبحث الثاني : دور الأجهزة والجمعيات والقضاء في حماية المستهلك
         المطلب الأول : دور الأجهزة
          الفرع الأول : أجهزة حماية المستهلك من الشروط التعسفية في المغرب
تتنوع الأساليب والوسائل القانونية والتي يمكن عن طريقها تفادي الشروط التعسفية .
هذه الاجهزة تلعب دورا في تحديد الشروط التعسفية هذا في مرحلة أولى أما في المرحلة الثانية فهي تعمل على استبعادها.
لا تخفي أهمية تحديد الشروط التعسفية في إطار قانون الإستهلاك لأن هذا التحديد يرتبط ارتباطا وثيقا باستبعاد هذه الشروط. فكيف يمكن منع إدراج شرط معين في العقود وبالتالي حماية المستهلك من مخاطره إذا لم ينم تحديد صفته أو خاصيته التعسفية .
ومن تم يتم إسناد تحديد الشروط التعسفية في إطار قانون الاستهلاك إلى أجهزة مختصة. ففي فرنسا نجد كلا من مجلس الدولة ولجنة مقاومة الشروط التعسفية. كما يمكن أن ندخل في هذا الإطار الملحق الذي تم إلحاقه بتقنين الاستهلاك بقانون 1 فبراير 1995 كوسيلة لتحديد الشروط التعسفية بينما يسند هذا الدور في المشروع المغربي للمجلس الوطني للإستهلاك .
المجلس الوطني للإستهلاك
إن مشروع قانون حماية المستهلك المغربي يؤسس في مادته 99 مجلسا وطنيا للإستهلاك ، مكلفا بتقديم الأراء والاقتراحات التي ترمي إلى تحسين إخبار المستهلك والدفاع عن مصالح المستهلكين.
كما أن دور المجلس لا يقتصر على مجرد تقديم الأراء والاقتراحات و إنما يمكن للسلطات القضائية أن تطلب استشارة المجلس، كما يمكن بهذا الأخير أن يؤسس لجانا متخصصة في حالة الضرورة.
إذن المقتضيات المنظمة لهذا المجلس لا تسمح بلعب دور فعال و مهم في مجال مقاومة الشروط التعسفية.
المادة 25 من المشروع التي تعطي للمجلس الوطني للإستهلاك ، سطة إصدار لائحة إخبارية وغير حصرية للشروط التي يكون المجلس قد حددها.
إلا أن ما يمكن ملاحظته على هذا المشروع هو أنه لا يعطى أي قيمة إلزامية لما يحدده المجلس، مما يفرغه من محتواه، وهو ما يعتبر نقيصة مهمة في المشروع ، وعلى عكس المشرع المغربي نجد القانون الفرنسي يعطي أهمية كبيرة لهذه الأجهزة.
الفرع الثاني : دور أجهزة حماية المستهلك في فرنسا  
دور مجلس الدولة :conseil d’état
يقوم مجلس الدولة الفرنسي بتحديد نماذج الشروط التعسفية طبقا للمادة 32 من قانون الاستهلاك الفرنسي وذلك بعد أن يقوم باستشارة لجنة الشروط التعسفية.
سلطان هذا المجلس الواسعة تمكنه من أن يمنع أو يحدد أو ينظم أي شرط تعسفي في هذا الإطار .
فهذا المجلس يصدر مجموعة من المراسيم . كما توجد لجنة تسمى بلجنة الشروط التعسفية وتختص هذه اللجنة بفحص نماذج العقود المعتاد عرضها من جانب المهنيين على عملائهم غير المهنيين، كما يمكن أن نقوم بالبحث عن الشروط ذات الطابع التعسفي لأجل الإيصاء بإبطالها.
المطلب الثاني : دور القضاء
من المبادئ المسلم بها في المقتضيات المدنية ذات الطابع اللبيرالي : بأن العقد يقوم مقام القانون انطلاقا من تطبيق مؤسسة مبدأ سلطان الإرادة ويكون العقد كما هو معروف لشريعة المتعاقدين.
هذان المبدأن يحولان دون تدخل القاضي لمراجعة العقد مادامت مقتضيات غير مخالفة للنظام العام أو الأخلاق الحميدة ومادام العقد والعبارات فيه واضحة.
غير أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها العالم أثرت بشكل واضح وفعال على العلاقات التعاقدية، ومن تم أصبح لزما على القاضي في ظل غياب نصوص تشريعية صريحة تضمن التوازن العقدي أصبح القاضي يتدخل من أجل تطوير القواعد التقليدية التي تحكم العقود لتساير تطور المجتمع . فالقاضي يستطيع أن يتدخل لتفسير مضمون العقد عندما يكون الشرط غامضا حيث يستخدم سلطة للتفسير ببنود العقد. كما يقع التساؤل عن سلطات القاضي للتدخل لتعديل الشروط الجزائية
 الفرع الأول : دور القاضي في تفسير العقد
قبل أن نستهل بالحديث عن دور القضاء في هذا المجال نسجل سلبا دور القضاء في مواجهة الشروط التعسفية وذلك لوجود مجموعة من العوائق فنكتفي هنا بذكر :
أولا : تدخل القاضي في مجال الشروط التعسفية محكوم بمبدأ يهيمن على المنظومة القانونية هو مبدأ سلطان الإرادة.
من هنا يمكن القول أن تدخل القاضي في هذا المجال التعاقدي لن يكون إلا في إطار ما يسمح به هذا المبدأ الذي يمنع القاضي أو لا يمكنه من التدخل لتعديل شروط العقد لكن فقط من احترام إرادة أطراف العقد.
المادة 462 من ق.ل.ع : تنص على أنه عندما تكون هناك ضرورة للتأويل يلزم البحث عن النص الذي اتجهت له إرادة المتعاقدين مما يحول دون التوقف عند المعنى الحرفي للألفاظ ولا عند تركيب الجمل .
ثانيا : الفصل 461 الالتزامات والعقود المغربي يمنع القاضي من تأويل العقد في حالة ما تضمن هذا الأخير عبارات أو كلمات غير واضحة أو صريحة من هذا المنطلق نستنتج أن الفصل 461 يمنع القاضي من التحري عن  قصد هذه العبارات-19-ويمكن اعتبار سطة القاضي في تفسير الشروط الغامضة في العقد من أهم الوسائل المتوفرة للقاضي من أجل تعديل الشروط أو إلغاؤها هذا إذا ما علمنا بأن أغلب هذه الشروط تأتي في العقد غامضة وغير محددة-20-.
هذا بالنسبة للمشرع المغربي فيما يخص المشرع المصري نجده يسير في نفس المسار نظيره المغربي.
المادة 151 من القانون المدني المغربي تجعل تفسير العقد الغامض لصالح الطرف المدعن وهذا القانون جعل التفسير لمصلحة الطرف الذي لا يتمكن من التدخل في صياغة الشرط وذلك بغض النظر عن كونه دائن أو مدين-21-.
الشروط الغامضة يقصد بها عدم التوافق بين الألفاظ والإرادة الحقيقية للمتعاقدين والغموض قد يقع في الألفاظ وقد يقع في الإرادة دون الالفاظ أو فيهما معا.
ومن هنا يجب أن نشير إلى تقلص دور القاضي في تفسير شروط العقد الواضحة بالمقابل إتساع مجال تدخل القاضي في تفسير شروط العقد الغامضة.
الفقرة الأولى: تقليص دور القاضي في تفسير شروط العقد الواضحة
ينص الفصل 461 من ق ل ع م : إذا كانت ألفاظ العقد صريحة امتنع البحث عن قصد صاحبها.
إذن هذا النص يوضح أنه كلما كانت الشروط المتضمنة في العقد واضحة لا لبس فيها فإنه يتعين على القاضي الإلتزام بهذه المعاني الواضحة دون محاولة تفسيرها كتفسير النصوص القانونية-22-.
ووضوح العبارات في العقد يلزم القاضي بالحكم الذي ارتضاه الطرفان-23- ( وقد سارت قرارات المجلس الأعلى على هذا الراي وليس من الجائز لهم تغييرها) وقد سارت قرارات المجلس الأعلى على هذا الراي حيث قضى بأن قضاة الموضوع مكلفون بتضمين الإنفاقات المبرمة وليس ملف الجائز لهم تغييرها إذا كانت شرورطها واضحة .
إذا كانت القاعدة العامة المنصوص عليها في الفصل 461 تمنع القاضي تعديل الشروط الواضحة والمحددة ولو كانت تعسفية، فإن هناك حالات الاستثنائية تمكن من الخروج عن القاعدة العامة ويتعلق الأمر كما يراه ذلك بعض الفقه.
الحالات التي ينشأ فيها تناقض بين العبارات الواضحة في العقد والإرادة الحقيقة فرغم وضوح العبارة إلا أن المتعاقدين أساءا استعمال التعبير الواضح الامر الذي يؤدي إلى غموض الإرادة.
هذا التناقض الذي ينشأ بين العبارات الواضحة في العقد والإرادة الحقيقية للمتعاقدين أعاد للقاضي دوره الإيجابي في التفسير الذي يبدو من ظاهر (النص461 ق ل ع أنه سلبه منه.ويبدو بأن القضاء المغربي قد سار في هذا الاتجاه فقد ورد في أحد قرارات المجلس الأعلى بأنه إذا " أبعدت المحكمة شرط من شروط العقد وجب عليها وأن تبين الاسباب والمستندات التي اعتمدتها لتكوين قناعتها.
انطلاقا مما سبق يمكن القول بأنه يجوز للقاضي تفسير الشرط التعسفي الواضح ضد المشترط أو تعديله أو استعادة حماية للطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية وهو المستهلك-24-.
الفقرة الثانية  : سلطة القاضي في تفسير العقد الغامض
إن غموض عبارات العقد هو المجال الذي تسمح فيه نظرية سلطان الإرادة للقاضي بالاضطلاع بدورة الأكثر إيجابية في ميدان التأويل -25- فالشروط التعسفية عادة ما تكون غامضة في العقود المحررة مسبقا حتى لا ينتبه إليها المتعاقد الآخر.
الحالات التي تستدعي تدخل القضاء لتفسير مقتضيات العقد هي التي يكون الهدف منها هو إظهار النية الحقيقة للطرفين عند غموض عبارات العقد ووضوح الإرادة وحالة غموض الإرادة ووضوح العبارة، ثم غموض العبارة والإرادة معا والحالة التي تتثير الشك في مدى اللالزام المتولد عنه، وهذا ما نص عليه الفصل 462 من ق ل ع م .
هذه الحالات تشكل المجال الأوسع لاستخدام القاضي لسلطته التفسيرية أخذا بعين الاعتبار النية المشتركة للمتعاقدين معتمدا على التأويل للبحث عن هذه الإرادة المشتركة دون التقييد بالمعنى الحرفي الأفاظ ولا بتكوين الجمل.
فتفسير شروط العقد الغامضة يدخل ضمن سلطة القاضي المطلقة.
الفرع الثاني : دور القــاضي في مواجهة الشرط الجزائي التعسفي في عقود الاستهلاك .
قبل أن نبدأ في معالجة هذه يستوجب علينا أن نطرح التساؤل التالي : هل يمكن اعتبار الشرط الجزائي شرط تعسفي ؟
أطراف العقد يمكنهم الاتفاق على تقدير التعويض مسبقا في حالة عدم قيام أحدهما بتنفيذ التزاماته أو تأخره في تنفيذها وهذا ما يسمى بالشرط الجزائي.
ويعرف الفقه الشرط الجزائي بأنه-26-: الاتفاق الذي يعين الطرفان بمقتضاه مقدما مبلغ التعويض الذي يستحق أحدهما قبل الأخر عند الإخلال بالإلتزام الملقي على عاتقه سواء كان ناتجا عن عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي أو التأخيرة تنفيذه .
وقد عرف التعويض الاتفاقي انتشارا واسعا في الممارسة التعاقدية ولم يعد يقتصر على تطبيقه على العقود التقليدية بل أضحى في أكثر انتشار في العقود الحديثة والتي ظهرت استجابة للتطورات الاقتصادية المعاصرة، كعقود التمويل والبيع بالسلف وعقود الاستهلاك.
انطلاقا من كل ما مر بنا وحتى لا ندخل في التفاصيل الجزئية نخلص إلى أن الشرط الجزائي هو شرط مشروع ولا يؤدى إلى اختلال التوازن العقدي مادام مبلغ التعويض المتفق عليه لا يتجاوز الضرر الفعلي الحاصل للدائن.
ولكن إذا استغل أحد طرفي العقد مركزه وخبرته الفنية أو القانونية لفرض شروط جزائية الهدف منها الحصول على مزايا وتحقيق الأرباح على حساب الطرف الأخر. فإن الوظيفة الاصلية للشرط الجزائي تتحول من وظيفة تعويضة إلى وظيفة تهديدية ووسيلة للاستغلال والإثراء بلا سبب على حساب التوازن العقدي الأمر الذي يؤدي إلى اعتبار مثل هذه الشروط شروط تعسفية.
من هذا المنطلق متى تضمن الشرط الجزائي شرط تعسفي يجوز للقاضي التدخل من أجل تعديله إذا ما طالب العاقد الأخر بتنفيد إلتزامه أن يمتنع عنه إلى أن يقوم هذا الأخير بتنفيذ ما إلتزم به ، طالما أن هذه الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء المادة 121 مدني.

Publié dans droit (arabe)

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article