3المرجعية الدولية لقانون الأسرة

Publié le par droit

السابق     3      4      التالي
المرجعية الدولية لقانون الأسرة
إعداد: اشرف البداوي – طالب باحث
   2- العمل على تثبيت هويتهم والحفاظ عليها خاصة بالنسبة للإسم والجنسية والتسجيل في الحالة المدنية، وهذه هي العناصر الأساسية المكونة للشخصية القانونية للطفل وهويته، لذلك فالطفل من حقه أن يحصل على إسم شخصي وعائلي طبقا لمقتضيات قانون الحالة المدنية وخاصة المادة 20، كما من صميم حقه الحصول على الجنسية، كما من حقه التسجيل في الحالة المدنية، أو يقع هذا التسجيل في دفتر الحالة المدنية بالتصريح بالولادة لدى ضابط الحالة المدنية ولو كان الطفل مجهول الأبوين أو متخلى عنه،(25) ويقع التصريح وفق ما تنص عليه المادة 16 وما بعدها من القانون المتعلق بالحالة المدنية. وتتوافق هذه الأحكام مع ما جاء في المادة 7 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والتي تنص في فقرتها الأولى على: " يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب الجنسية..." وكذلك ما نصت عليه المادة 8.
   3 – التوجيه الديني والتربية على السلوك القويم وقيم النبل المؤدية إلى الصدق في القول والعمل، واجتناب العنف المفضي إلى الإضرار الجسدي والمعنوي، والحرص على الوقاية من كل استغلال يضر بمصالح الطفل... وتجدر الإشارة بخصوص هذه الفقرة من المادة 54 أنها تتلاءم في جانب فقط منها مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وهو الجانب المتعلق بحماية الطفل من الاستغلال والعنف، والذي يتلائم مع المواد 32 و33 34 و36. من الاتفاقية. ويبقى الجانب الآخر المتعلق بالتوجيه الديني غير متوافق مع هذه الاتفاقية الدولية التي تنص في المادة 14 على: " تحترم الدول الأطراف حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين" وذلك باعتبار أن المغرب دولة إسلامية ينص دستورها على أن دين الدولة هو الإسلام، لذلك لا تعطى الحرية للأطفال في تبني دين آخر(26)، وقد تحفظ المغرب على مسألة التوجيه الديني، وجاء التحفظ بالصيغة التالية: " إن حكومة المملكة المغربية التي يضمن دستورها لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية تتحفظ على أحكام المادة 14 التي تعترف للطفل بالحق في حرية الدين نظرا لأن الإسلام هو دين الدولة.
 4- التعليم والتكوين الذي يؤهلهم للحياة العملية وللعضوية النافعة في المجتمع، على الآباء أن يهيؤوا لأولادهم قدر المستطاع الظروف الملائمة لمتابعة دراستهم حسب استعدادهم الفكري والبدني، وتتلائم هذه المقتضيات مع المادة 28من اتفاقية حقوق الطفل.
 5- إلى جانب حقوق الطفل السليم أقرت مدونة الأسرة في المادة 54 برعاية خاصة للطفل المعاق، لا سيما التعليم والتأهيل المناسبان لإعاقته، قصد تسهيل إدماجه في المجتمع، وذلك تماشيا مع ما نصت عليه المادة 23 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التي أكدت على ضرورة تمتع الطفل المعاق عقليا أو جسديا بحياة كاملة كريمة. في ظروف تكفل له كرامته وتعزز اعتماده على النفس، وتيسر مشاركته الفعلية في المجتمع. وأخيرا فإن من أهم ما جاءت به هذه المادة هو تحميل الدولة جزءا من المسؤولية والنيابة العامة توافقا مع الاتفاقية الدولية.
ثانيا: حقوق الطفل بعد انتهاء العلاقة الزوجية.
  تتجلى مظاهر تلائم نصوص مدونة الأسرة مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية على عدة مستويات، وذلك على مستوى المسطرة القضائية، وعلى مستوى النفقة وعلى مستوى حضانة الطفل ونسبه وجنسيته.
  1 – المسطرة القضائية: فالمشرع حماية منه لأطفال الطلاق أخضع الطلاق للمسطرة القضائية، وأوكل للقضاة مهمة حماية حقوق الطفل مراعيا في ذلك مصلحتهم الفضلى، وخص هذه المصلحة بمجموعة من المقتضيات التي تضمن حماية الطفل، فألزم القضاء على تكرار محاولة الصلح بين الزوجين في حالة وجود أطفال (المادة 82)، كما يجب أن يتضمن طلب الإذن بالإشهاد على الطلاق، عدد الأطفال إن وجدوا وسنهم ووضعهم الصحي والدراسي، (المادة 80). كما منع الخلع بشيء تعلق به حق الأطفال (المادة 119) كما منح المحكمة في المادة 121 سلطة اتخاذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة للزوجة والأطفال تلقائيا، أو بناء على طلب. وتنسجم هذه المقتضيات مع ما نصت عليه الكثير من مواد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التي تؤكد ضرورة استحضار المصلحة الفضلى للطفل واتخاذ التدابير اللازمة لحمايته، خاصة ما نصت عليه المادة 3 في فقرتها الأولى: " في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى". ويبقى هذا المجال واسعا للقضاء المغربي لكي يقوم بدوره الكامل في تفعيل هذه المقتضيات لحماية أطفال الطلاق مستحضرا في ذلك مصلحتهم الفضلى.
   2- النفقة: تعتبر النفقة حقا أساسيا للطفل نظرا لطابعها المعيشي والاجتماعي، وحاجة الطفل إليها لتحقيق ضرورياته، لذلك فقد نصت مدونة الأسرة على مجموعة من المقتضيات التي تعزز اكتساب الطفل لحقه هذا، فعلى مستوى المكلف بالإنفاق، فإن الأب مكلف بالإنفاق على أولاده حسب ما نصت عليه المادة 198 من مدونة الأسرة، وأهم ما جاءت به في هذا الأمر إلزام الأم بالنفقة على الأولاد عند عجز الأب عن الإنفاق كليا أو جزئيا على أولاده (المادة 194من المدونة). وعلى مستوى مشمولات النفقة فقد نصت المدونة على حق الطفل في السكنى مستقلا عن النفقة حتى تضمن للطفل حقه هذا وتحميه من التشرد، وتكون بذلك قد صححت الوضع الذي كان يطرح عدة إشكالات في إطار مدونة الأحوال الشخصية، حيث كانت النفقة التي يحكم بها غالبا هزيلة لا تكفي لتوفير ضروريات الحياة ومنها السكن، لذلك ألزمت الأب بأن يهيئ مسكنا ملائما لأبنائه، ولا يفرغ المحضون من بيت الزوجة كأجل عام، وعليه أن يؤدي في المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه(27) كما على المحكمة أن تحدد في حكمها الإجراءات الكفيلة بضمان استقرار الأب في تنفيذ المحكوم به عليه، المادة 168من مدونة الأسرة. وعلى مستوى مسطرة الحكم بالنفقة، فإن المحكمة تبت في مستحقات الأطفال المحددة في المادتين 84 و85 في نفس الوقت الذي تبت فيه دعاوى التطليق (المادة 113)، كما نصت المادة 45 على أجل قصير لإيداع المبلغ المقابل لحقوق المطلقة والأولاد وهو 7 أيام، كما أن المادة 171 من مدونة الأسرة حصرت أجل البت في القضايا المتعلقة بالنفقة، في شهر واحد، بعد أن كان أمد الدعوى يمتد لشهور عديدة(28). كما أن تحديد مستحقات الأطفال يكون على أساس مراعاة الوضعية المعيشية والتعليمية التي تكون أو كانوا عليها قبل وقوع الطلاق (المادة 85 من مدونة الأسرة). وبهذا تكون مدونة الأسرة قد حققت حماية لنفقة الطفل وسكنه، تتلائم والمقتضيات المقررة في اتفاقية حقوق الطفل خاصة ما تضمنته المادة 27 التي تلزم الدول الأطراف والأبوين بتحقيق مستوى معيشي ملائم لنمو الطفل البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي، ولاتخاذ التدابير المناسبة لكفالة تحصيل نفقة الطفل من الوالدين أو من الأشخاص الآخرين المسؤولين ماليا على الطفل.
 3- الحضانة: جاء في الخطاب الملكي المعتبر كديباجة لمدونة الأسرة: " لقد توخينا في توجيهاتنا السامية لهذه اللجنة، وفي إبداء نظرنا في مشروع مدونة الأسرة اعتماد الإصلاحات الجوهرية التالية: ... ثامنا: الحفاظ على حقوق الطفل، بإدراج مقتضيات الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في صلب المدونة، هذا مع اعتبار مصلحة الطفل في الحضانة من خلال تخويلها للأم ثم للأب ثم لأم الأم... كما تم جعل توفير سكن لائق للمحضون واجبا مستقلا عن بقية عناصر النفقة". ومن هذا يتبين الاهتمام الفائق للمشرع بموضوع حق الطفل بالحضانة لذلك فقد حظي بمجموعة من الضمانات التي تخول له استيفاء كامل حقه والتي تتوافق مع ما جاء في الاتفاقيات الدولية ومن ذلك: توحيد سن اختيار المحضون لحاضنه (المادة 166) وذلك انسجاما مع المادة 2 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي تمنع التمييز بين الأطفال لأي سبب كان.  كما أن من أهم ما جاءت به المدونة في هذا المجال هو ما جاء في المادة 186 من مدونة الأسرة التي تنص على مراعاة مصلحة المحضون في تطبيق المواد المتعلقة بالحضانة. وبذلك تكون قد وسعت من صلاحيات القضاء في اتخاذ ما يراه مناسب في أحكام الحضانة، لا تقيده في ذلك إلا مصلحة المحضون، ومن بين أهم المواضيع التي تتدخل فيها المحكمة: حل الخلاف الذي يمكن أن يحصل بين النائب الشرعي والحاضنة (المادة 164) وكذلك تنظيم حق الزيارة الذي تنظمه المواد  من 180 إلى 185، لتضمن بهذا حق اتصال الطفل بأبويه، والتمتع برعايتهما المشتركة. وبمقارنة ما أقرت به مدونة الأسرة في موضوع الحضانة مع ما تقتضيه نصوص الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل خاصة منها المادة 20 التي تؤكد على ضرورة ضمان الدول الأطراف وفق القوانين الوطنية رعاية بديلة للطفل المحروم بصفة مؤقتة أو دائمة من بيئته العائلية، ومن بين أشكال الرعاية نصت على الحضانة المادة 9 التي تلزم الدول باحترام حق الطفل المنفصل عن والديه أو أحدهما في الاحتفاظ بصورة منتظمة بعلاقات شخصية واتصالات مباشرة بكلا والديه، إلا إذا تعارض ذلك مع مصالح الطفل الفضلى. نلاحظ أن المدونة قد أقرت نظاما حمائيا للمحضون يتلائم ومبادئ هذه الاتفاقية.
 4- النسب:  تنص المادة 8 من اتفاقية الطفل: " تتعهد الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته، بما في ذلك جنسيته، واسمه وصلاته العائلية على النحو الذي يقره القانون..." والحفاظ على صلات الطفل العائلية تقضي اتخاذ كل التدابير للإقرار بحق الطفل في نسبه إلى أبويه. وقد جاءت مدونة الأسرة في إطار حساباتها لحق الطفل في النسب بكثير من المقتضيات التي تعزز اكتساب الطفل لحقه هذا، خصوصا وأن هذا الحق تترتب عليه حقوق كثيرة أخرى، فبه يثبت له حق الإرث أو به تثبت حقوق وواجبات الأبوة والبنوة ( المادة 145) مثل حقه في الرعاية والتربية والنفقة. لذلك فقد نصت مدونة الأسرة في المادة 151: " يثبت النسب بالظن و لا ينتفي إلا بحكم قضائي" ومفاد هذه القاعدة أن إثبات النسب لا يحتاج في تأكيده عادة إلى حكم يصدر عن القضاء اللهم إذا نازع فيه صاحب مصلحة، وتماشيا مع هذا فإن نفي النسب ليس سهلا، إنما لا ينتفي إلا بواسطة حكم يصدر عن المحكمة المختصة. إضافة إلى ذلك تم التوسيع من دائرة إثبات النسب بالنص على الخبرة الطبية كوسيلة شرعية للإثبات (المادة 158) وكذلك السماح بلحوق النسب في بعض الظروف الاستثنائية. فبالنص على الخبرة الطبية كوسيلة شرعية للإثبات يكون المشرع قد حل إشكالية عويصة جدا كانت مطروحة في إطار مدونة الأحوال الشخصية، حيث غالبا ما كان يرفض القضاء المغربي الإثبات عن طريق الخبرة الطبية أو بتعبير أدق " البصمة الوراثية" على اعتبار أنها ليست من الوسائل المقررة شرعا لإثبات النسب، ولقد كان هذا الاجتهاد الذي تواتر عليه القضاء المغربي منتقدا بشدة، ولا يخدم المصلحة الفضلى للطفل، لذلك كان أغلب الفقه يدعو القضاء المغربي إلى ضرورة الأخذ بنتائج البحث العلمي في مجال الخبرة الطبية لإثبات النسب أو نفيه، فهي نتائج أبحاث علمية لفكر إنساني(29)، تخدم العدالة وتخدم مصالح الطفل بالأساس. وقد استجاب المشرع المغربي لنداء الفقه في أول فرصة سنحت له للتعديل وأصلح الوضع الذي كان قائما بالنص – كما قلنا- على اعتبار الخبرة الطبية وسيلة من الوسائل الشرعية لإثبات النسب

Publié dans droit (arabe)

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article