ج2-حماية المستهلك من الشروط التعس 

Publié le par droit

السابق  2  التالي
حماية المستهلك من الشروط التعسفية
اعداد: منير البصري- احمد المنصوري
الفقرة الأولى : المفهوم الضيق للمستهلك
يعتبر الاتجاه الذي يضيق مفهوم المستهلك هو السائد في الفقه والقضاء حيت يعرفه بعض أنصاره " المستهلك هو كل شخص يتعاقد بقصد إشباع حاجاته الشخصية أو العائلية، وبناء عليه لا يكتسب صفة المستهلك من يتعاقد لأغراض مهنته أو مشروعه "-1-
أما لجنة لاروفونت Commission de refonte -2- الفرنسية التي أخذت بهذا الإتجاه فقد عرفت المستهلك أو المستهلكين بأنهم " الأشخاص الذاتيون أو المعنويون الذين ينتمون للقانون الخاص والذين يكتسبون أو يستعملون الأموال أوالخدمات لغرض غير مهني ".
أما في إحدى النشرات الدورية الإدارية الفرنسية فقد تم تعريف المستهلك عندما يتعلق الامر بالمنتجات" بأنه ذلك الذي يستخدمها لإشباع حاجاته الخاصة وحاجاته من يعولهم من الأشخاص وليس لإعادة بيعها أو تحويلها أو استخدامها في نطاق مهنته، أما في مجال تقديم الخدمات فيتعلق الامر بالمستفيدين منها في شكل أعمال على أموالهم المادية المملوكة لهم سلفا مثل أعمال الصيانة أو الإصلاح أو الخدمات التي يكون الشخص مستفيدا منها"
من خلال هذه التعاريف التي تصب في اتجاه تضبيق مفهوم المستهلك نلاحظ أنه يجب توافر ثلاثة عناصر لاكتساب صفة المستهلك.
1- أن يكون من الأشخاص الذين يكتسبون أو يستعملون السلع أو الخدمات.
هذا الإكتساب السلع والخدمات الإستهلاكية يضاف إليه اكتسابها أو استعمالها لغرض غير الغرض المهني، وهذا بطبيعة الحال لا يقصي الاشخاص المعنوية من دائرة المستهلكين إذ كان نشاطها غير مهني كالجمعيات التي لا تهدف إلى تحقيق الربح.
2- أن يتعلق محل العقد بالسلع أو الخدمات. بحيث أن كل الأموال تصلح لأن تكون محل عقد الإستهلاك إذا تم استعمالها واكتسابها لغرض غير مهني بغض النظر عما إذا كانت هذه المواد الإستهلاكية تندثر من أول استعمال لها أو يدوم استهلاكها لفترة طويلة، أما الخدمات على مختلف أنواعها سواء كانت خدمات يدوية أو خدمات ذهنية أو خدمات مالية تصلح لأن تكون محلا لعقد الإستهلاك شريطة أن لا تكتسب أو تستعمل لغرض مهني .
3- الغرض غير المهني يعد هذا العنصر المعيار الجوهري للتفرقة بين المستهلك والمهني -3- بمعنى يعد مستهلكا كل من يكتسب أو يستعمل سلعة أو خدمة لغرض غير مهني أي لأغراض شخصية أو عائلية.
رغم ما لهذا العنصر من أهمية في الحسم بين المستهلك والمهني فإن الأمر يدق حينما يشتري شخص سلعة أو خدمة لغرض مهني وغير مهني في نفس الوقت، فهل يعتبر مستهلكا أم مهنيا في هذه الحالة؟ هنا نجد الفقه الفرنسي يذهب إلى أن الفرع يتبع الأصل فيكون الاستعمال الغالب للسلعة أو الخدمة هو المحدد لصفة المستهلك، هنا تلعب السلطة التقديرية للقضاء دورا محوريا لأنه من الناحية العملية يصعب إقامة مثل هذه التفرقة وبالتالي للقاضي رسم الحدود بين ما يمكن اعتباره غرضا مهنيا وما يمكن اعتباره غرضا استهلاكيا .
الفقرة الثانية : المفهوم الموسع للمستهلك
لأجل توسيع الحماية القانونية للمستهلكين في مواجهة المهنيين ذهب بعض الفقه لإدراج فئات أخرى من المتعاقدين تحت ظل هذا المفهوم حيث أطلق أنصار هذا الإتجاه الموسع لمفهوم المستهلك تعريفا يدخل كل من يستعمل مال أو خدمة في دائرة المستهلكين وذلك بتعريف المستهلك بأنه" كل شخص يتعاقد بهدف الإستهلاك"
وبذلك يعتبر مستهلكا كل من :
1-               المهني الذي يتعاقد خارج نطاق تخصصه -4-
لأنه في هذه الوضعية يكون في نفس وضعية المستهلك بالمفهوم الضيق كما سبق أن وضحناه أعلاه عديم الخبرة .
لكن جدالا فقهيا ثار حول اعتبار المهني الذي يتحقاد خارج نطاق تخصصه مستهلكا أو مهنيا وهذا ما جعل الاجتهاد الفرنسي بدوره ينقسم على نفسه، فقررا اعتباره مستهلكا في بعض أحكامه بينما لم يأخد بهذا المفهوم في أحكام أخرى.
2-المدخر
يعتبر الإدخار مناقضا تماما للإستهلاك فالمدخر يحتفظ بموارده و توظيفها لإشباع حاجاته المستقبلية، أما المستهلك فيستخدم إمكانياته وموارده لإشباع حاجاته الآنية، لكن يلتقيان في نقطة كونهما أطرافا غير مهنية تتعاقد مع أطراف مهنية، وبما أن المدخر يتعرض لنفس الأخطار التي يتعرض لها المستهلك نجد بعض الفقه يأسف لاستبعاد المدخر من شريحة المستهلكين.
المطلب الثاني : مفهوم المهني
يعتبر المهني الطرف الثاني في عقود الإستهلاك وهنا تنبغي الإشارة إلى أن القانون الفرنسي لسنة 1987 لم يحدد معنى كلمة المهني، وبالتالي نجد البعض يرى بأن المهني هو الذي يتمتع بثلاثة عناصر من الافضلية أو التفوق" المقدرة الفنية ، المقدرة القانونية، المقدرة الإقتصادية"كما نجد البعض يقصد بالمهني الشخص الذي يمتلك المعلومات والبيانات أو المعرفة التي تسمح له بالتعاقد على بينة ودراية تامة.
ويقصد بالمهني في رأي آخر ، الشخص الذي يتعاقد من خلال ممارسة مهنة وليس بالضرورة أن يكون له صفة التاجر.
ويتخذ بعض الفقه من الغرض من التصرف معيارا لوصف أو تصنيف فاعله في مجموعة المهنيين أو في مجموعة المستهلكين.ويعتبر مهنيا كذلك الذي يشتري الاشياء لاستعمالها دون نية بيعها، ولكن يقوم بذلك لأغراض مهنته.
لكن التعريف الذي منح للمهني الذي قدمته لجنة تنقيح قانون الإستهلاك الفرنسي يعتبر من أبرز التعاريف، حيث ورد فيه أن المهنيين هم الاشخاص الطبيعيون أو المعنويون العموميون أو الخصوصيون الذين بعرضون الأموال أو الخدمات أثناء مزاولتهم لنشاط اعتيادي "
وقد يكون المهني الذي يعرض السلع أو يقدم الخدمة شخصا طبيعيا كما قد يكون شخصا معنويا سواء ينتمي إلى القطاع الخاص أو العام هذا المفهوم يتماشى مع قانون الاستهلاك الفرنسي ولجنة الشروط التعسفية ومع المادة الثانية من التوجيه الأوروبي لسنة 1993 التي تعتبر المهني سواء أكان هذا النشاط عاما أو خاصا.
المبحث الثاني : اختلال التوازن العقدي بين أطراف العقد
لايمكن الحديث عن حماية حقيقية للمستهلك دون الحديث عن حمايته من المهني ومن شروطه التعسفية التي يوردها في عقوده النمطية، حيث لا يكون المستهلك قادرا على رفضها نظرا لوضعية المهني المتميزة سواء الاقتصادية أو القانونية وبالتالي تغييب إرادة المستهلك، هذه الإرادة التي تعد مناط الالتزام من هنا يبرز بجلاء اختلال التوازن العقدي بين أطراف العقد لذا سنتطرق في هذا المبحث للشرط التعسفي " مطلب 1" ولبعض نماذج للعقود الاستهلاكية التعسفية، كعقد الإذعان " مطلب 2"
المطلب الاول : الشرط التعســفي كسبب لاختلال التوازن العـقدي
سنقف في هذا المطلب على تعريف الشرط التعسفي في الفقرة الأولى على أن نبين عناصره في الفقرة الثانية
الفقرة الأولى : تعريف الشرط التعسفي
أحيط تعريف الشروط التعسفية باهتمام كبير من قبل الفقهاء حيث عرفه البعض بأنه الشرط الذي يغرض على غير المهني أو على المستهلك من قبل المهني نتيجة التعسف في استعمال هذا الأخير لسلطته الاقتصادية بغرض الحصول على ميزة مجحفة، ويرى آخرون على أن المقصود بالشرط التعسفي في مفهوم القانون ذلك الشرط الذي ينشأ بسبب التعسف ويسمح بوقوع هذا التعسف وللتبسيط يمكن القول أن الشروط التعسفية ترد خاصة في عقود الإذعان أو العقود النمطية، يتولى إعدادها مسبقا مختصون يتمتعون بالتفوق الإقتصادي والكفاءة الفنية تبدو وفقا للقواعد العامة شروطا عادية لا تنال من سلامة الرضا، ولكنها في حقيقتها مجحفة ظالمة، ترهق المتقاعد وتتقل من التزامه.فإذا كانت جل القوانين الحالية تهدف إلى حماية المستهلك من الشروط التعسفية أو للتخفيف من حدتها فإنها تواجه صعوبة في تحديدها ورصد مختلف مظاهرها وتجلياتها، وفي هذا المسار نجد الفصل 24 من مشروع قانون الإستهلاك المغربي ينص على أنه " يعتبر تعسفيا كل شرط في العقد لم يكن محلا للمفاوضة الفردية ولم يراع في التنصيص عليه متطلبات حسن النية، والذي يترتب عنه من جانب المستهلك عدم توازن بين حقوق و التزامات أطراف العقد، يعتبر شرطا غير خاضع للمفاوضة الفردية كل شرط تمت كتابته مسبقا دون أن يكون للمستهلك أي تأثير على محتوى العقد، وخصوصا في إطار عقد الإذعان"
من خلال هذا الفصل نجد شروطا متعددة تحدد في مجملها مميزات الشرط التعسفي :
1-ألا يكون خاضعا للمفاوضة الفردية
2-أن يترتب عن الشرط عدم توازن أو تكافئ بين الحقوق والإلتزامات الناشئة عن العلاقة التعاقدية
3-أن يكون الشرط مكتوبا بصفة مسبقة دون أن يكون للمستهلك أي تأثير في محتوى العقد
الفقرة الثانية : عناصر الشرط التعسفي
من خلال تفحص المادة 24 من مشروع قانون الاستهلاك خلصنا إلى أنه يوجد عنصران هامان لاعتبار الشرط تعسفيا وهذا ما سنورده تباعا:
1-               التعسف في استعمال القوة أو السلطة الاقتصادية للمهني
هذا العنصر لا يمكن إثباته حالة بأخرى، وإنما يتم استخلاصه من الصفة الخاصة بأطراف العقد لذلك يوصف هذا بانه شخصي .
هذا الشرط محل نظر حيث يرى بعض الفقه الفرنسي أن المادة 132-1 من تقينين الإستهلاك الفرنسي لسنة 1993 قد ألغت معيار التعسف في استعمال القوة الإقتصادية وهذا التفوق الفني الذي يمكن المهني من فرض شروط تعسفية لأن هذا الأخير متعود على إبرام العقود والصفقات، ويعرف جيدا اللالتزامات والحقوق الناشئة عن العقد، ويعرف ما يرجي به العمل في مهنته ويمتلك من الوسائل ما يمكنه من تحديد اللالزامات التي يستطيع تنفيذها ويفرض الشروط التي يراها مناسبة على المتعاقد معه، ولذلك اعتبر هذا الشرط – السلطة الإقتصادية- غير ذي جدوى من الناحية العملية.
ويبقى بالتالي الرأي الراجح في الفقه الفرنسي هو الذي يرى أن عنصري الشرط التعسفي أي استعمال القوة الإقتصادية للمهني، وحصول المهني بسبب هذا الشرط على ميزة مفرطة أو مجحخفة بالمستهلك، هما في الحقيقة عنصرين متحدين و تربطهما علاقة سببية تامة ، فالميزة المتجازة أو المفرطة التي يحصل عليها المهني هي نتيجة للقوة الإقتصادية التي يتمتع بها هذا الاخير وهكذا فإن أحد العنصرين يعد نتيجة طبيعية للعنصر الآخر.
2-الميزة المفرطة والمتجاوزة التي يحصل عليها المهني بمناسبة التعاقد
وهو عنصر موضوعي يتعلق بتوفير مزايا مبالغ فيها للمهني كيفما كان نوع هذه المزايا مادامت المادة 35 من القانون الفرنسي والمادة 24 من مشروع قانون الغستهلاك المغربي لم يشير إلى أي نوع من أنواع المزايا نقدية أو غير نقدية لذلك يؤكد بعض الفقه بأن معنى الميزة المفرطة التي يحصل عليها المهني لا تتعلق فقط بثمن السلعة بل إنها تعني اللالتزامات الملقاة على عاتق المستهلك ، أو عن طريق التخفيف من التزامات المهني.
ويقال ايضا أن الميزة المفرطة قد تعني انعدام سبب العقد ولوجزئيا، وأنه يجب أن يؤخد في الاعتبار المنفعة التي حصل عليها المهني نتيجة للشرط الوارد بالعقد.
وتوجد في الواقع صعوبة في تحديد العنصر الذي يعد نقطة الإنطلاق في تحديد أو تقدير الميزة المفرطة، بيد أنه لا يجب في راي البعض تقدير المنفعة التي حصل عليها المهني والوضع المتميز له دون مراعاة مضمون العقد الذي تضمن الشرط الذي نص على هذه المنفعة ، وغيره من العقود الأخرى المرتبطة بذلك العقد، فقد يبدو الشرط تعسفيا ولكنه يكون مبررا إذا نظرنا إليه في ضوء مجموع العمليات التي ظهر بمناسبتها ، فمثلا قد يترتب على شرط تحديد مسؤولية المهني، تخفيض ثمن السلعة وسعرها المعروض على المستهلك.

Publié dans droit (arabe)

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article