بطلان التحكيم 4

Publié le par droit

بطلان حكم التحكيم" في القانون المصري والشريعة الإسلامية"
وائل أنور بندق- ماجستير في القانون-
عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي
7- البطلان لوقوع بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم
وهذه الحالة وفقا لما هو ظاهر منها تشتمل على فرضين :-
الفرض الأول :- وقوع بطلان فى الحكم : فالحكم يكون باطلا اذا لم تتوافر شروطه الموضوعية والشكلية التى يبينها نصا المادتين 40 و 43 من قانون التحكيم ، فالمادة 40 تقضي بأنه " يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعد مداولة تتم على الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم ما لم يتفق طرفاً التحكيم على غير ذلك ".
والمادة 43 تقضي بأنه " 1- يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن تثبت في الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية .
2- يجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً إلا إذا اتفق طرفا التحكيم على غير ذلك أو كان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم
3- يجب أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من إتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره وأسبابه إذا كان ذكرها واجباً ". ويجرى بعض الفقه(32) تفرقة بشأن مخالفة القواعد السابقة في المادتين سالفتي الذكر بين القواعد والأحكام الواردة فى نصي المادتين المذكورتين على أساس مدى تعلق هذه الأحكام بمصلحة الأطراف فى الدعوى بشكل مباشر أو كونها مجرد قواعد وأحكام وضعت من أجل تسهيل عمل المحكمة أو هيئة التحكيم أو لأسباب عملية محضة لتسهيل تنفيذ حكم التحكيم عند صدوره .
واستنادا إلى هذا المعيار لا يؤدى إغفال القواعد والأحكام المتعلقة بشكل الحكم من ضرورة اشتمااله على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم إلى آخره إلى إمكانية الطعن بالبطلان على حكم التحكيم الذى أهمل ذكر هذه البيانات . إذ أن مخالفة هذه القواعد ليست من شأنها الإضرار بالأطراف المشاركة فى التحكيم ولا المساس بمصالحهم بشكل مباشر . وعلى العكس من ذلك فإن عدم قيام هيئة التحكيم بالمداولة قبل إصدارها للحكم ، قد يكون سببا لإمكانية الطعن عليه بالبطلان بسبب هذا العيب الذى لحق به . كذلك يؤدى عدم تسبيب الحكم فى حالة عدم إتفاق الأطراف على عدم التسبيب . أو فى حالة إختيارهم للقانون المصرى كقانون واجب التطبيق على الإجراءات أو لائحة تحكيم تقتضى التسبيب إلى إمكانية الطعن على الحكم بالبطلان لمساسه بأخذ القواعد الأساسية التى تتعلق بمصلحة الأطراف فى الدعوى بشكل مباشر .
الفرض الثانى : بطلان إجراءات التحكيم المؤثر فى الحكم
يكون سببا من أسباب دعوى البطلان وقوع بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم ، ولكن لا يعنى ذلك أن أى بطلان فى الإجراءات سوف يؤثر بالضرورة على الحكم فالعبرة فى ذلك بمدى تحقيق الإجراءا لغايته من عدمه وذلك وفقا للقواعد العامة فى قانون المرافعات (33). وتطبيقا لذلك يعد بطلانا مؤثرا فى الحكم إعلان أحد الأطراف أو إرسال تقارير قد للهيئة إلى غير العنوان المحدد فى إتفاق التحكيم لأنه حرم هذا الطرف من إمكانية الحضور أو الرد على ما تضمنته هذه التقارير ، أما إذا ثبت علم الطرف رغم عدم صحة الإعلان فإن بطلان الإجراء لايعد مؤثرا فى الحكم .
8- البطلان الراجع لمخالفة النظام العام فى مصر
نصت على هذه الحالة المادة 3/2 بقولها " و تقضى المحكمة التى تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا تضمن ما يخالف النظام العام فى جمهورية مصر العربية. و بذلك يكون المشرع قد حدد معنى النظام العام المانع من تنفيذ حكم التحكيم بأنه النظام العام الداخلى فى مصر و ليس النظام العام الدولى ، فالنظام العام الدولى هو نظام عام مشترك بين كل الدول و نابع من المصلحة العليا للجماعة الدولية و الواقع أن هذه الفكرة غير موجودة بالشكل الكافى و الواضح و المحدد كما هو الشأن فى النظام العام الداخلى. و النظام العام فكرة مرنة مطاطة تتأبى على التعريف تختلف من مكان لمكان و فى ذات المكان تختلف من زمان لزمان ، و لكنها فكرة طاردة لكل ما يخالفها و هى تعبر في النهاية عن المقومات الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية فى الدولة. و إذ ا ما تعلق الأمر بحكم تحكيم أجنبى فإنه يجب فهم فكرة النظام العام الداخلى بمعناها الموجود فى النظرية العامة للقانون الدولى الخاص(34)، وليس معنى ذلك الإلتجاء لفكرة النظام العام الدولى ، و إنما الأمر مازال يتعلق بفكرة النظام العام الداخلى ذلك أن هذه الأخيرة تلعب دورا فى مجال القانون الداخلى يختلف عن الدور الذى تلعبه فى القانون الدولى الخاص. فدور فكرة النظام العام فى القانون الداخلى يتمثل فى ضمان عدم الخروج الإرادى عن القواعد الآمرة ، و بالتالى فأية مخالفة لقاعدة آمرة تعد خرقا للنظام العام و ذلك إذا كانت العلاقة وطنية بحتة. أما دور فكرة النظام العام فى القانون الدولى الخاص و فى مجال تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية فتتمثل فى إستبعاد هذا الحكم و القضاء ببطلانه على عكس الأصل الذى يقضى بسلامة هذا الحكم.
و على ذلك فإن دور فكرة النظام العام فى القانون الدولى الخاص يتسم بالطابع الإستثنائى بخلاف دور النظام العام فى القانون الداخلى و على ذلك ليست أى مخالفة للنظام العام فى إطار القانون الداخلى تعتبر كذلك فى إطار القانون الدولى الخاص ، وبعبارة أخري ليست كل مخالفة لقاعدة آمرة تعد مخالفة للنظام العام
كذلك يجب ملاحظة الأثر المخفف للنظام العام فى مجال تنفيذ الأحكام عنه فى مجال تطبيق القانون الاجنبى(35).
و يتحدد مفهوم النظام العام الذى يتعين إخضاع حكم التحكيم له بوقت ممارسة الرقابة على الحكم، و القاعدة المماثلة لهذا المبدأ و التى تطبق على الأحكام الأجنبية يطلق عليها مبدأ وقتية النظام العام ، و من هنا قد يحدث أن يكون حكم التحكيم متوافقا مع النظام العام لحظة صدوره بينما يعتبر ضد النظام العام لحظة إصدار الأمر بتنفيذه(36).
المبحث الثالث: النظام الإجرائي لدعوي البطلان
سوف نعرض فيما يلي للنظام الإجرائي لدعوي البطلان من خلال تحديدنا للمحكمة المختصة بها وميعاد رفعها وأثرها علي النحو التالي :
1- المحكمة المختصة بدعوي البطلان
في تحديد المحكمة المختصة بدعوي البطلان لابد أن نفرق بين أمرين :-
أ – إذا كان التحكيم داخليا فإن المحكمة المختصة بدعوي البطلان هي محكمة الدرجة الثانية بالنسبة للمحكمة التي كان يجب أن يعرض عليها النزاع لو لم يعرض علي التحكيم
ب – إذا كان التحكيم تجاريا دوليا فإن المحكمة المختصة بنظر دعوي البطلان هي محكمة إستئناف القاهرة مالم يتفق علي محكمة إستئناف أخري بين الطرفين. هذا هو الحكم المستفاد من الجمع بين المادة 54/2 والمادة 9 من قانون التحكيم ، حيث تقضي المادة 54/2 بأنه " تختص بدعوى البطلان في التحكيم التجاري الدولي المحكمة المشار إليها في المادة(9) من هذا القانون وفى غير التحكيم التجاري الدولي يكون الإختصاص لمحكمة الدرجة الثانية التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع "
كما تقضي المادة 9 بأنه "  1- يكون الإختصاص بنظر مسائل التحكيم التي يحيلها هذا القانون إلى القضاء المصري للمحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع أما إذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء جرى في مصر أو في الخارج فيكون الإختصاص لمحكمة إستئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان على إختصاص محكمة إستئناف أخرى في مصر .
2- وتظل المحكمة التي ينعقد لها الإختصاص وفقاً للفقرة السابقة دون غيرها صاحبة الإختصاص حتى إنتهاء جميع إجراءات التحكيم "
2-- ميعاد رفع دعوي البطلان
تنص المادة 54/1 علي أنه " ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم "
يتضح من هذا النص أن ميعاد رفع دعوي البطلان هو تسعون يوما من تاريخ إعلان الحكم ، ويلاحظ البعض(37) علي ذلك أن المشرع وضع ميعادا طويلا بشكل ملحوظ للطعن في حكم التحكيم ، إذ يتجاوز هذا الميعاد في مدته جميع المواعيد المقررة للطعن في الأحكام القضائية في القانون المصري في الظروف العادية ، وهو الأمر الذي لا يتلاءم مع طبيعة نظام التحكيم ومايهدف إليه من سرعة الفصل في المنازعات المعروضة عليه والتي تؤدي طول مدة الطعن في حكم التحكيم إلي التقليل من هذه الفرصة ، ويزيد من عدم ملاءمة هذا الميعاد الطويل أنه لا يبدأ إلا من تاريخ إعلان حكم التحكيم ، وقد يتطلب إتمام الإعلان وقتا طويلا خاصة في المنازعات التجارية الدولية. ولكن هل معني فوات ميعاد رفع دعوي البطلان دون رفعها تحصين الحكم من أي وسيلة للطعن عليه لا سيما وأن المشرع المصري منع الطعن علي حكم التحكيم بأي وسيلة اللهم إلا دعوي البطلان ؟ يذهب بعض الفقه(38) في الإجابة علي هذا السؤال مذهبا مخالفا لصريح النصوص لتلافي عيوب هذه النصوص حيث يقرر أنه إذا كان الحكم صدر بناء علي غش من أحد الخصوم ، فإن ذلك الأمر قد يؤدي إلي إمكانية الطعن علي هذا الحكم بإلتماس إعادة النظر لأن القول بعكس ذلك قد يدفع بعض الأطراف في التحكيم إلي اللجوء إلي الغش من أجل التحصل علي أحكام محققة لمصالحهم مع عدم خشيتهم من إمكانية المساس بهذه الأحكام في حالة عدم الطعن عليها بالبطلان في الميعاد المحدد
3- أثر رفع دعوي البطلان
أول مايلاحظ بشأن أثر دعوي البطلان في القانون المصري هو تضارب النصوص وتعارضها علي نحو يؤدي إلي اللبس خاصة نص المادتين 57 و 58/1، حيث تنص المادة 57 علي أنه " لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب المدعي ذلك في صحيفة الدعوى وكان الطلب مبنياً على أسباب جدية وعلى المحكمة الفصل في طلب وقف التنفيذ خلال ستين يوماً من تاريخ اول جلسة محددة لنظره وإذا أمرت بوقف التنفيذ جاز لها أن تأمر بتقديم كفالة أو ضمان مإلي وعليها إذا أمرت بوقف التنفيذ الفصل في دعوى البطلان خلال ستة أشهر من تاريخ صدور هذا الأمر " كما تنص المادة 58/1لي أته " لا يقبل تنفيذ حكم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى " فالعجيب أن نص المادة 57 يقرر أن رفع دعوي البطلان لا يوقف تنفيذ الحكم بما يستفاد منه أن التنفيذ علي معلق علي فوات ميعاد رفع الدعوي ، في حين أن المادة 58 تقرر أنه لا يقبل تنفيذ الحكم إلا بعد فوات ميعاد رفع دعوي البطلان، وإزاء هذا التناقض الواضح بين النصين السالفين حاول الفقه(39) رفع التعارض عن طريق بأن المشرع يقصد ضرورة إنتظار المحكوم له حتي ينتهي ميعاد رفع دعوي البطلان فإذا مانتهي هذا الميعاد فإن له أن يتقدم بطلب التنفيذ ، وكذلك الحال إذا رفعت دعوي البطلان خلال ميعاد التسعين يوما فإن يمكن لطالب التنفيذ أن يتقدم فورا بطلب التنفيذ ، فالعلة من إشتراط فوات الميعاد هي إعطاء الفرصة أولا للمحكوم عليه أن يرفع دعوي البطلان ، أما وقد رفعها فلم يعد هناك مايحول دون التقدم بطلب التنفيذ.

Publié dans droit (arabe)

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article