ج2-الحوز في التبرعات

Publié le par ياسين جريفي

الجزء الثالث                        
                                           الحوز في التبرعات:
                                                                                    اعداد: ياسين جريفي
                                                                                            طالب باحث
                                                                                وحدة القانون المدني المعمق
 
     *رابعا: خصوصيات الحوز في بعض الاشياء: وكمثال على ذلك ، ناخد الحوز في دار للسكن، فلاهمية هذا الاخير احتاط الفقهاء كثيرا في العطايا المتعلقة به، وهكذا اشترطوا لصحته شرطين اساسيين:
         1- يتعلق بمعاينة الاخلاء من جميع الشواغل ، فاذا افرغ البعض، وبقي ساكنا في باقي اجزاء الدار فيفرق بين امرين، فاما ان تكون العطية للمحجور او للراشد، ففي الاول اذا بقي ساكنا في اليسير فلا اشكال ، سواء ابقى الجزء الباقي فارغا ام عقد عليه كراء لفائدة المحجور، وفي النصف تبطل العطية في حدوده و في الاكثر يبطل الجميع. اما في التعامل مع الراشد فالعطية صحيحة في حدود ما افرغ.
        2- ويتمثل في عدم عودة المعطي الى الدار موضوع العطية مدة سنة ، ابتداء من تاريخ الافراغ حيث عودته هذه وبقائه الى حين حدوث المانع، تبطل معها العطية. على ان عودته قبل السنة، ومغادرته لها قبل المانع، لا تؤثر على صحة العطية ، وكذلك فيما لو عاد لتفقد صيانتها، كما لو وهب اب لابنه الصغير وحاز عنه، كذلك لا تاثير على صحة الهبة، فيما لو عاد تحت وطاة المرض او الخوف او الفقر. يقول الشيخ خليل" او رجع مختفيا او ضيفا فمات". اما رجوعه بعد السنة، فالقول الراجح ان العطية تبقى صحيحة، لان هذه المدة هي التي يقع بها الاشهار.
   ودائما في معرض خصوصيات هذا النوع من التبرعات ، نقول ان شرط السنة هذا، انما هو خاص فقط بدور السكن، اما ان كان الاب مثلا لا يسكنها، عقد الاشهاد وكانت حيازته على بنيه بالاشهاد و الاعلان نافدة جائزة.
  ومن الخصوصيات كذلك ما يتعلق بالام فهذه الاخيرة ان وهبت دار سكناها لاولادها يتم التمييز بين الكبار و الصغار، فبخصوص الكبار تلزم معاينة الافراغ وتتقيد بشرط عدم العودة  قبل السنة، اما فيما يخص الصغار فتصح الهبة مثلا دون افراغ حيث يعتبر بقاؤها في دار بصفتها حاضنة لا واهبة، واذا بلغوا سن الرشد، دون ان يعتريهمعارض من عوارض الاهلية ، جدد لهم حوز الام قبل حدوث مانع و الا فلا شيء لهم.
    وقد يتساءل المرء، عن الحالة التي يثور فيها الشك حول تاريخ الرجوع، هل هو قبل مضي العام او بعده، فهناك من قال باخذه على انه قبل العام تغليبا لارادة الواهب ، وهناك من اخذ بالقول على انه بعده، وفي راينا الشخصي وتماشيا مع الفصل 473 من ق ل ع الذي يقضي بانه عند الشك يفسر الالتزام لمصلحة المدين، فالواهب او المعطي عموما هو الملتزم هنا لهذا وجب القول عند الشك بانه قبل العام.
*خامسا: خصوصيات الحوز في بعض الحالات: سبق ان اوردنا ان من ضمن شروط صحة الحوز ان يقوم بالمعاينة في حالات معينة،يكتفي بالاشهاد بلا معاينة ومن الامثلة على هذه الحالات الاضطرابات  و الفتن و التي يتعذر معها الانتقال الى عين المكان لمعاينة الحوز. و الحيازة في هذا الظرف تصح بالشكل المشار اليه وتبقى على هذه حتى بعد زوال حالة الضرورة فلا اشتراط لمعاينة الحوز من جديد فالعبرة بزمن وقوعها حالة الضرورة.
   وفي اطار ابراز شروط الحوز الصحيح وتميزه عن الصور الباطلة له، ترد في معرض الحديث عن هذه الاخيرة مسالة صورية الحو فما المقصود بالحوز الصوري؟ وهل تصح به العطية؟
   من صور الحوز الصوري هذا اثبات المتعاقدين له بالرسم وهو ليس بثابت في الواقع، او الكذب على العدلين او الموثق و الدفع بهم الى ان يشهدوا على معاينة الحوز ، و الحال ان ليس من حوز في ارض الواقع حتى اذا وصلا الى مرادهما رجع المعطي للانتفاع بماله واخرجه عن ورثته بعد مماته. وهكذا فالحوز الصوريهذا او قد يعبر عنه بالتحيل على الحوز، لا مجال للاعتداد به الا اذا استدرك حقيقة قبل حدوث المانع.
  ولكن كيف يتم اثبات صورية الحوز؟ رغم انه يجوز ذلك بمختلف وسائل الاثبات( الفصل 419 ق ل ع) ولكن في واقع الامر يصعب ذلك، وهكذا اجتهد فقهائنا في هذه النقطة واعتبروا رجوع الحوز الى المعطي عن قرب من العطية قرينة على التحايل و الصورية و القرب هذا موكول للسلطة التقديرية للقضاء.
  واذا كان هذا هو جوهر الحوز من حيث معناه فما هي انواعه؟
                             المطلب الثاني: انواع الحوز:
  سنقتصر في هذا المطلب على تناول انواع الحوز من حيث الاشخاص على ان نعرض لانواعه من حيث الاموال و التي هي العقارات عند التطرق للبحث الثاني. والحوز باعتبار شخص الحائز هو اما حائز بالاصالة "اولا" واما حائز بالنيابة "ثانيا".
   *اولا: الحوز بالاصالة: الحوز بالاصالة هو الاطار العادي، ويمارسه المعطي له شريطة ان يكون كامل الاهلية ، واجاز المشرع استثناء للقاصر و ناقص الاهلية ان يقبل الهبات عند الاقتضاء دون حاجة للحاجز.
  *ثانيا: الحوز بالنيابة: و الحوز بالنيابة فيه العديد من التفصيلات ، فالشخص كما يحوز لنفسه يستطيع ام يحوز لغيره بالنيابة هذه الاخيرة التي اما تكون اتفاقية او قانونية فالاولى قوامها التراضي، وتخضع لاحكام الوكالة كما هو منصوص عليها في ق ل ع. واما القانونية فهي التي يتولاها الحاجر من محجوره، وذلك اما ولاية او وصاية او تقديما ، في ضوء احكام النيابة الشرعية كما هي منظمة في مدونة الاسرة وتجب الاشارة هنا الى ان معاينة الحوز اذا كانت تجري في مواجهة المعطى له في الحوز اصالة فانها في الحوز بالنيابة تجري في مواجهة النائب.
   ومن الحالات الشائكة في هذا الاطار كون الحاجر هو الواهب نفسه فهل يبقى بيده الحوز ام انه ينتقل الىالغير ؟ وماذا بخصوص وقوع المانع ثم هل من اجراءات اضافية عند كمال اهلية المعطى له؟
   بالنسبة للتساؤل الاول نميز في الشيء المعطى هل هو شيء قيمي ام انه مثلي فاذا كان في حكم الاول فالحوز فيها للحاجر، كيفما كان اب ، ام، وصي، مقدم، فبما انها متميزة فلا خشية من اختلاطها باموال الحاجر وفي ذلك ورد في تحفة ابن عاصم:
                            وللاب القبض لما قد وهبا              ولده الصغير شرعا وجبا
                           الا الذي يهب مــن نقديــــه             فشرطه الخروج من يديه
والكل مع مراعاة الحالات الاستثنائية، كما اذا كانت العطية دار للسكنى، فعلى الواهب كما سبقت الاشارة الى ذلك – انيخرج اهله منها، ويفرغها من شواغله، والا يرجع اليها مدة سنة ولا شيء عليه ان اكراها للغير لصالح المحجور او لنفسه وبعد مضي السنة كما ولا شيء عليه ان سكن في القليل منها اما ان شغل النصف ، فتبطل الصدقة فيه وتصح في الباقي، واما سكناه للكثير منها فتحول العطية باكملها الى البطلان.
  واذا كانت العطية من الاشياء المثلية ، فالحوز فيها لا يتم الا بوضعها بيد امين وبالتالي لا يصح فيها ان تحاز من طرف الحاجر ، كيقما كانت صفته و العلة في ذلك انه يسهل اختلاطها باموال الحاجر. وفي هذا المعنى ورد في الموطا في باب ما يحوز من النحل" قال مالك الامر عندنا ان من نحل ابنا صغيرا له ذهبا او ورقا ثم هلك وهو يليه انه لاشيء للابن من ذلك الا ان يكون الاب عز لها بعيذها او دفعها الى رجل وضعها لابنه عند ذلك الرجل فان فعل جائز للابن"
   واما السؤال الثانيففي الاشياء المثلية فحدوث مانع و الحال ان المعطي كان لم يخرج العطية الى امين بطلت العطية.
  وفيما يخص السؤال الثالث بالنسبة للاشياء القيمية وهي التي يتصور فيها بقاءها في يد الحاجر فان كمال اهلية المحجور تستتبع تجديد الحوز، والا بطلت باستثناء جدية المعطى له في طلب حيازتها او حدوث عذر عاد على ما تقدم.
  واخيرا نشير الى ان الحاجر يستطيع ان يشتري ما وهب لمحجوره اذا ثبتت مصلحة المحجور في ذلك على حيازة الثمن يفرق فيها بين الاشياء القيمة و الاشياء المثلية المعطاة.
  ففي الاولى يقوم الحاجر بالاحتفاظ بالثمن لمحجوره وبالتالي ليس من المفروض تجديد الحوز في الثمن للمحجور عند كمال اهليته وكذا ليس هناك داعي لوضع الثمن عند امين فالعطية قد انقضت بالبيع. واما فيما يخص الثانية يسلم الى الامين فهو الحائز فيما يهيبه الحاجر على المحجور من اشياء مثلية.
  ما سبق تناوله في هذا المبحث كان متماسيا مع حقبة زمنية معينة لم يعرف نظاما شبيها بما يصطلح عليه بالتحفيظ العقاري فكان الحوز المادي واجب التوفر للعلل التي سبق بيانها مع ضرورة معاينة الاشهاد، على انه وبدخول نظام التحفيظ العقاري بميكانيزمانه المعزوفة حدث هناك تعارض مع ما سطره الفقهاء المسلمون ليس على مستوى الجوهر أي العلة ولكن فقط على مستوى الاليات و المساطر الموصلة لنفس الهدف.

Publié dans droit (arabe)

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article