ج-3 التحكيم

Publié le par droit

دراسة في أحكام القرارات المستعجلة والوقتية في النزاعات المعروضة على التحكيم
وفق أحكام قانون التحكيم الأردني رقم31لسنة2001
إعداد:المحامي معتز نابغ كنعان
المبحث الثالث: هل طلب أحد أطراف التحكيم من القضاء المستعجل اتخاذ قرار مستعجل أو وقتي يعتبر تنازل عن اتفاق التحكيم
 استقر الرأي على ان لجوء الشخص إلى القضاء المستعجل لا يعد نزولاً منه عن اتفاق التحكيم سواء كان الطالب قد لجأ بالفعل قبل تقديم الطلب إلى تحريك إجراءات التحكيم أو لم يكن قد قام بعد بأية خطوة في ذلك السبيل ذلك لأنه لا يمس أصل الحق الذي يبقى قائماً لهيئة التحكيم ولأن استبعاد قضاء الدولة في النزاع لوجود التحكيم ينصب فقط على القضاء الموضوعي دون القضاء الوقتي. وهذا ما أكد عليه القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي في المادة 9 منه على أنه ( لا يعتبر مناقضاً لاتفاق التحكيم أن يطلب أحد الطرفين، قبل بدء إجراءات التحكيم أو في أثناءها من إحدى المحاكم أن تتخذ إجراء وقائياً وأن تتخذ المحكمة إجراء بناء على الطلب) كذلك فإن نص المادة 26 من لائحة التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري تنص في الفقرة الثالثة على أن:( تقديم أحد الأطراف لطلب اتخاذ اجراءات وقتية لدى السلطات القضائية لا يعد متعارضاً مع الاتفاق على التحكيم، كما انه لا يعد بمثابة تنازل عن هذا الإتفاق على التحكيم ) وما قررته المادة 9 من القانون النموذجي والمادة 26 فقرة 1 من لا ئحة التحكيم من أن ( لهيئة التحكيم السلطة في اتخاذ ما تراه مناسباً من إجراءات وقتية متى طلب ذلك أحد الأطراف وكان الإجراء متعلقاً بنزاع يدخل في اختصاص هيئة التحكيم، ولا سيما الحق في اتخاذ إجراءات المحافظة على السلع موضوع النزاع وطلب إيداعها في مكان أمين لدى شخص من الغير أو بيع السلع القابلة للتلف ) كما فصلت في هذا الموضوع بالنص في الفقرة الثالثة منها على ( الطلب الذي يقدمه أحد الطرفين إلى سلطة قضائية باتخذا تدابير مؤقتة لا يعتبر مناهضاً لاتفاق التحكيم أو نزولا‘ عن الحق في التمسك به ) (10).
 أما قانون التحكيم الأرني فيمكن أن يفهم من نص المادة 13 من قانون التحكيم عدم تعارض اتفاق التحكيم مع الطلب من قاضي الأمور المستعجلة باتخاذ إجراء وقتي ( لا يمنع اتفاق التحكيم أي طرف الطلب من قاضي الامور المستعجلة سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي...).
 ولا يعد موضعاً للبحث او الجدال على كل حال لجوء أحد طرفي اتفاق التحكيم إلى القضاء المستعجل لطلب إجراء وقتي او مستعجل قبل دعوة هيئة التحكيم للإنعقاد ذلك، حيث يكون هناك خطر محدق بالحق ويخشى زوال الدليل عليه فيعدو القرار الصادر من قبل القضاء المستعجل ضرورة قصوى ولا يترتب عليه وبشكل مؤكد نزول أطراف اتفاق التحكيم عن التحكيم.
المبحث الرابع: العلاقة بين القضاء والتحكيم من جهة الرقابة والمساعدة
 انطلاقاً من فلسفة التحكيم وأهدافه فإن التشريعات الحديثة تنظم العلاقة بين القضاء والتحكيم لتوضح من جهة أوجه المساعدة والمؤازرة بينهما ، ومن جهة أخرى حدود الرقابة والإشراف على التحكيم بهدف إرساء الضوابط والمقومات التي تكفل حسن سير التحكيم وتحقيق أغراضه ، ويعد هذا الإتجاه دليلاً على أهمية الدور الذي يمكن أن يؤديه القضاء تجاه التحكيم فالقضاء له دور هام وفعال لصالح إنجاز التحكيم ، واتجهت التشريعات التي تعالج موضوع التحكيم نحو إعطاء قضاء الدولةدوراً هاماً في نطاق نظام التحكيم ( الاتفاق والحكم) ولم يعد دور هذا القضاء يقتصر على الرقابة ، ولكنه أصبح دور مزدوجاً حيث يمتد أيضاً ليشمل المساعدة من أجل سد العجز الناتج عن كون المحكم شخصاً عادياً لا يتمتع بسلطة الأمر . ويتسع نطاق دور قضاء الدولة في قوانين التحكيم الحديثة بحيث لم يعد يقتصر على إصدار الأمر بالتنفيذ بل أصبح موجوداً منذ الإتفاق وعند حل الصعوبات المتعلقة بتشكيل محكمة التحكيم وأثناء سير خصومة التحكيم ثم بعد صدور حكم المحكم والهدف من تبني قوانين التحكيم الحديثة هو توسيع نطاق المساعدة والمؤازرة التي يمكن أن يقدمها القضاء للتحكيم .
 ويتجلى دور القضاء في مساعدة ومؤازرة التحكيم وفي الرقابة والإشراف في صلاحيته بإصدار أمر تنفيذ القرار المستعجل أو الوقتي الصادر عن هيئة التحكيم ذلك أن إصدار الأمر بالتنفيذ هو مساعدة لهيئة التحكيم في تنفيذ قرارها جبراً على الطرف الممتنع واتجاه الغير قد يكون الغير حارساً أو حائزاً للمال المراد إيقاع الحجز عليه أو جهة حكومية دائرة أراضي أو مركبات يجب التأشير على قيد العقار أو المركبة بوقوع إشارة الحجز حيث لا تستجيب تلك الدوائر للقرارات الصادرة عن هيئة التحيكم مالم تكن مكتسبة الصيغة التنفيذية المتمثلة بالأمر الصادر عن القضاء بتنفيذ هذا القرار ، كذلك يمارس القضاء دوره في الرقابة والإشر اف على التحيكم عن طريق إعطاء الأمر بصيغة التنفيذ حيث يقوم القضاء بفحص توافر الشروط الموضوعية والشكلية في القرار قبل إعطاء هذا الإذن وبالتالي يمارس القضاء الدور الرقابي والإشرافي على التحكيم في مجال إصدار القرار المستعجل ولنسوق هنا نص قانون التحكيم الاردني للدلالة على نموذج للتشريعات الحديثة حيث نصت المادة 23 من قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 ما يلي (أ- مع مراعاة أحكام المادة (13) من هذا القانون ، يجوز لطرفي التحكيم الإتفاق على أن يكون لهيئة التحكيم ، سواء من تلقاء نفسها او من بناءاً على طلب أي من طرفي التحكيم ، أن تأمر أيا منهما باتخاذ ما تراه من تدابير مؤقتة أو تحفظية تقتضيها طبيعة النزاع ، وأن تطلب تقديم ضمان كاف لتغطية نفقات هذه التدابير ب- وإذا تخلف من صدر إلبه الأمر عن تنفيذه ، يجوز لهيئة التحكيم بناءاً على طلب الفريق الآخر أن تأذن لهذا الطرف في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه بما في ذلك حقه في الطلب من المحكمة المختصة إصدار أمرها في التنفيذ) (11).
 وللبحث في الرقابة القضائية على القرارات الصادرة عن هيئة التحكيم في الطلب المستعجل أو الوقتي يجب استعراض الشروط الشكلية والموضوعية التي يجب أن تتوافر في قرار هيئة التحيكم وفي الطلب المقدم من أحد طرفي اتفاق التحكيم حتى يصدر أمر من القضاء في تنفيذ هذا القرار.
اولاً : الشروط الموضوعية :
1- يجب أن يكون القرار المستعجل الصادر عن هيئة التحكيم في نزاع يختص برؤيته بموجب اتفاق تحكيم ، سواء كان مشارطة أو بند من بنود العقد فيجب أن تتوافر الشروط الموضوعية العامة للعقد من رضا وأهلية ومحل فلا يشمل النزاعات التي منع المشرع التحيكم بنظرها كمسائل الأحوال الشخصية والمسؤولية الجزائية وكذلك الشروط الموضوعية الخاصة لاتفاق التحكيم بأن يحدد النزاعات بشكل دقيق في مشارطة التحكيم ، فإن لم تتوافر هذه الشروط فللمحكمة رفض إكساء قرار التحكيم صيغة التنفيذ .كذلك يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وأن يكون عدد الهيئة التحكيمية وتراً .
2- يجب أن يكون القرار المستعجل له علاقة بالحق المراد حمايته أو الحفاظ على دليل له علاقة بالحق موضوع التحكيم مثال ذلك طلب الحجز التحفظي على أموال وبضائع ضماناً لما قد يحكم به ، أو سماع شاهد يخشى سفره أو إثبات حالة بإجراء الكشف المستعجل على بضاعة موضوع النزاع أما إذا كانت البضاعة المواد إثبات حالتها ليست موضوع النزاع وليست من اختصاص هيئة التحكيم فتمتنع المحكمة حينئذ من إعطاء أمر التنفيذ .
3- يجب أن يكون هناك اتفاق بين أطراف التحكيم على تخويل هيئة التحكيم إصدار قرار في الأمور الوقتية أو المستعجلة فإن لم يكن هناك اتفاق على هذا التخويل فيعد القضاء هو المختص فقط بإعطاء القرار المستعجل بدلالة المادة 23/أ من قانون التحكيم ولا يعتد يقرار التحكيم .
4- أن لا يكون القرار المستعجل المراد إعطاء الأمر بتنفيذه فاصلاً في موضوع النزاع أي لا يتضمن مساساً بأصل الحق أو المركز القانوني الموضوعي ، فإذا كانت الحماية القضائية المستعجلة تبذل في ظروف عجلة وسرعة ويتوقف نجاحها على سرعة تلبيتها قبل وقوع الأضرار أو قبل تفاقم آثارها فإنه لن يكون أمام القاضي المستعجل متسعاً من وقت ، يسمح بأن يبحث في أصل الحقوق أو المراكز القانونية الموضوعية المراد حمايتها خاصة وأن الطرف الآخر المنوي اتخاذ الإجراء ضده لا يكون قد تقدم بدفاعه وبيناته حيث يكون القرار قد صدر في غيبته لدواعي العجلة فإن مس قرار هيئة التحكيم بأصل النزاع يعد مبطلاً له وعلى المحكمة رفض إعطاء الأمر بالتنفيذ.
 وفي نطاق الرقابة القضائية على إصدار أمر تنفيذ القرار المستعجل يرى البعض أن قاضي التنفيذ لا يمارس رقابة قضائية على موضوع النزاع لمراقبة صحة ما يقضى به المحكم من حيث القانون أو العدالة لأنه لايعد هيئة استئنافية و تقتصر مهمته على بحث الشروط الشكلية والتصدي للدفوع التي يثيرها الخصوم فيما يتعلق باتفاق التحكيم وصحة تمثيل الخصوم حيث يقتصر دور المحكمة عندئذ على إصدار الأمر بالتنفيذ فهو لا يراجع سلامة أو صحة الأمر لأنه ليس جهة الإستئناف وإنما فحسب الجهة التي أنيط بها أمر وإجبار الطرف المحتكم الممتنع عن تنفيذ أوامر هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم والتي صدرت بناء على تراضيه مع الطرف الآخر في الاتفاق على التحكيم على الخضوع لها ، وتنفيذها ، وفقاً للإتفاق على التحكيم الذي تستمد منه هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم سلطاتها (12).
 وبناء على ما ذكر أعلاه لا يكون للمحكمة التي تنظر في منح الأمر وهي محكمة الإستئناف هنا كونها المحكمة المختصة حسب أحكام المادة 2 من قانون التحكيم بالتدقيق في توافر الشروط الموضوعية العامة التي يجب توافرها في أي قرار مستعجل وهذه الشروط هي اولاً : توافر حالة الإستعجال أو الخطر من التأخير والذي ينجم عن ضرورة انتظار صدور الحكم القضائي الموضوعي ثانياً: التحقق من أن المصالح المهددة يحتمل أن يحميها القضاء الموضوعي بعد ذلك أي تستحق الحماية القضائية الوقتية ، حيث أن هذا الشرطان لهيئة التحكيم حرية تقدير توافرهما ولا معقب للمحكمة في التعرض لصحةالتقدير من عدمه . ثالثاً : التحقق من وجود الحق أو احتمالية وجود مثل هذا الحق حيث يترك لهيئة التحكيم وحدها حرية تقدير ذلك ولا معقب عليها من جهة إصدار أمر التنفيذ.
ثانياً : الشروط الشكلية
 يجب حتى يصدر أمر من المحكمة بتنفيذ قرار هيئة التحكيم القاضي بإصدار القرار المستعجل أو الوقتي توافر شروط شكلية تتمثل في إجراءات ومستندات يجب تقديمها للمحكمة   وتتمثل في ما يلي :
أولاً : يجب أن يكون قد صدر قرار من هيئة التحكيم باتخاذ الإجراء الوقتي والتحفظي ويتم إثبات ذلك بواسطة إبراز المستند الخطي الذي يحتوي على قرار هيئة التحكيم.
ثانياً : يجب الحصول على إذن من هيئة التحكيم للطرف طالب الأمر بالتنفيذ باللجوء إلى المحكمة للحصول على أمر التنفيذ فإن لم يحصل على الإذن لم يمنح أمر التنفيذ وهذا واضح في متن المادة 23/أ من قانون التحكيم الأردني ، ويتم ذلك بواسطة مستند خطي صادر عن هيئة التحكيم .
ثالثاً  : يجب أن يكون قد نفذ أي إلتزام تضمنه قرار هيئة التحكيم في صدد الموافقة على طلب اتخاذ القرار المستعجل أو الوقتي مثل تكليفه بتقديم ضمان كاف لتغطية نفقات هذه التدابير بدلالة المادة 23/أ من قانون التحكيم .
 

Publié dans droit (arabe)

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article