ج4-التحكيم

Publié le par droit

 
دراسة في أحكام القرارات المستعجلة والوقتية في النزاعات المعروضة على التحكيم
وفق أحكام قانون التحكيم الأردني رقم31لسنة2001
إعداد:المحامي معتز نابغ كنعان
 
المبحث الخامس: إختلاف اختصاص المحاكم في نظر الإجراء المستعجل في النزاع المحال إلى التحكيم
 هناك إختلاف في اختصاص المحاكم يكمن في الإختلاف بين جهتي إصدار الأمر بتنفيذ قرار التحكيم وبين جهة القضاء المستعجل ، فجهة إصدار أمر التنفيذ هي محكمة الإستئناف التي يجري ضمن دائرة اختصاصها التحكيم مالم يتفق الطرفان على اختصاص محكمة استئناف أخرى في المملكة ، بينما قاضي الأمور المستعجلة واستناداً لأحكام المادة 31/1 من قانون أصول المحاكمات المدنية هو رئيس محكمة البداية أو من يقوم مقامه أو من ينتدبه لذلك من قضاتها وقاضي الصلح في الدعاوي التي تدخل ضمن اختصاصه كما يكون ووفقاً للمادة 31 فقرة 2 محكمة الإستئناف في الطلبات المتعلقة بالإمور المستعجلة التي تقدم بشأن الدعاوي المنظورة أمامها .
 ومن هنا يأتي اختلاف في جواز الطعن بين قرار أمر التنفيذ وبين قرار قاضي الأمور المستعجلة حيث أنه لا يجوز الطعن بقرار أمر التنفيذ –محكمة الإستئناف- امام أي جهة أخرى ولكن يجوز التظلم من هذا القرار أملاً بالرجوع عن منح الإذن أما بالنسة لقرار قاضي الأمور المستعجلة فيجوز الطعن به إن كان صادراً عن محكمة البداية أو عن محكمة الصلح أمام محكمة الإستئناف وخلال عشرة أيام تلي اليوم التالي لتبليغ الطاعن الإجراء المستعجل أو الوقتي سنداً لأحكام المادتين 170 و 178 من قانون أصول المحاكمات المدنية .
 أيضاً الإختلاف في الضمانات التي يقدمها طالب الأمر بالتنفيذ وبين طالب الحجز امام قاضي الأمور المستعجلة فلا تشترط المادة 23/أ من قانون التحكيم الأردني تقديم أي ضمانات مثل تقديم كفالة عدلية أو مصرفية أو تأمين نقدي قبل الحصول على أمر التنفيذ تضمن ما قد يلحق المدعى عليه من عطل وضرر فيما إذا كان طالب الحجز غير محق في دعواه ، وكل ما اشترطته فقط هو استجابة لطلبها حين تأمر طالب الإجراء المستعجل أو الوقتي بتقديم ضمان كاف لتغطية نفقات هذه التدابير، بينما يجب على قاضي الأمور المستعجلة أن يكلف طالب الحجز بذلك وتحت طائلة فسخ القرار إن لم يفعل سنداً لأحكام المادة 33/2 من قانون أصول المحاكمات المدنية ، غير أن هذا لا يمنع جهة إصدار الأمر بتنفيذ القرار المستعجل من اشتراط تقديم ضمان يتمثل في كفالة عدلية أو مصرفية أو تأمين نقدي لإصدار أمر التنفيذ .
 ايضاً وكما ذكرنا سابقاً فإن قاضي الامور المستعجلة يتحقق من كافة الشروط الموضوعية والشكلية التي يجب توافرها لإصدار القرار المستعجل بينما المحكمة التي تصدر أمر التنفيذ لا تتحقق إلا من بعض الشروط الموضوعية والشروط الشكلية والتي تختلف عن الشروط الشكلية للطلب المستعجل المقدم مباشرة لقاضي الأمور المستعجلة على نحو ماسبق ذكره في المبحث الثالث.
المبحث السادس: حجية وانقضاء القرار المستعجل او الوقتي الصادر عن هيئة التحكيم
 تقوم الأحكام القضائية المستعجلة على ظروف طارئة ، وأسباب عاجلة تتطلب اتخاذ إجراءات أو تدابير وقتية وسريعة لمواجهة هذه الظروف ولذلك تكون مرهونة بوجود الظروف التي صدرت على أساسها وتحوز حجية قضائية مؤقتة تجيز للقاضي الذي أصدرها أن يعيد النظر فيها ، على ضوء الظروف الجديدة ، فيجوز للقاضي المستعجل أن يرجع في قراراته ، أو أن يعدل فيها ، فإذا كان قد أصدر قراراً بتعيين حارس على المال المتنازع عليه ، فإنه يستطيع أن يصدر قراراً بإنهاء الحراسة على هذا المال ، إذا زال الخطر الذي يهدده ، وينطبق ذلك على القرار المستعجل الصادر عن هيئة التحكيم فهو لا يحوز حجية الشيء المحكوم به سواء قبل اكتساب صيغة التنفيذ أو بعده حيث لا ترتبط الحجية بأمر التنفيذ (13) . لكن السؤال الذي يثور هنا من هو صاحب الإختصاص بنظر تعديل أو إلغاء القرار المستعجل الصادر عن هيئة التحكيم والمقترن بأمر التنفيذ هل هو هيئة التحكيم أم المحكمة التي أصدرت أمر التنفيذ أم لكليهما معاً ؟
اعتقد أن لهيئة التحكيم وحدها الحق في تعديل أو إلغاء القرار الصادر في الامر المستعجل أو الوقتي ذلك أن هذا القرار قد صدر عن تلك الهيئة ووفقاً لقناعتها هي على ضوء الظروف المحيطة مثل وجود الخطر المحدق بالحق واحتمال ضياع الدليل وعلى ضوء ما تستشف فيه من أوراق الدعوى والمستندات، والتي لا معقب عليها من محكمة الإستئناف مصدرة أمر التنفيذ فيما يتعلق بالسلطة التقديرية لاتخاذ هذا القرار. أما بالنسبة لانقضاء القرار المستعجل سواء الصادر عن الهيئة التحكيمية أو قاضي الأمور المستعجلة في النزاع المعروض على التحكيم، فله حالات عدة أذكر منها:
1- عدم رفع دعوى أمام السلطات القضائية في الدولة فيما يتعلق بالقرارات المستعجلة أو الوقتية في النزاعات التي تم الإتفاق على إحالتها للتحكيم خلال ثمانية أيام من تبدأ من اليوم التالي لتاريخ صدور القرار المستعجل، كذلك عدم قيام أحد طرفي التحكيم باتخاذ إجراء يفتتح به خصومة التحكيم وخلال ثمانية أيام يسقط قرار قاضي الأمور المستعجلة، وبالرغم من عدم النص صراحة على تلك الحالة في قانون التحكيم فيجب القياس على الحالة الأولى لأنه لا يمكن بقاء الحجز على أموالالطرف المتخذ الإجراء ضده إلى ما لا نهاية بالإضافة إلى أن الإجراء المستعجل هدفه الحفاظ على الحق المعتدى عليه وهو تمهيد للتنفيذ ما يحكم به عليه. وقد أوجب بعض الفقهاء المصريين على الطرف الحاصل على قرار مستعجل بالحجز التحفظي إتخاذ إجراء تكميلي والذي يتطلبه قانون المرافعات المصري وهو رفع دعوى تثبيت الحجز التحفظي في الموعد القانوني المحدد، وإلا سقط الامر واعتبر كأن لم يكن، ولا يغني ذلك عن اللجوء إلى التحكيم، بمعنى أنه لا يصح أن يبتدع الشخص حلاً قانونياً لا سند له في القانون المصري مقتضاه الإكتفاء بتحريك إجراءات التحكيم خلال تلك المدة.
2- ينقضي أيضاً القرار المستعجل والوقتي بالرجوع عنه ممن اصدره سواء أكان قاضي الأمور المستعجلة أم هيئة التحكيم إذا حدث تغيير في المراكز القانونية للأطراف والظروف التي صدرت على أساسها.
3- ينقضي أيضاً برد الدعوى والحكم بعدم وجود الحق أو للإبراء أو لأي سبب من أسباب انقضاء الحق فينقضي تبعاً له القرار المستعجل كذلك ينقضي بالتنازل عنه من قبل من طلبه، كذلك لا ينتج القرار المستعجل الصادر عن هيئة التحكيم أية آثار إن لم يكن قد صدر أمر بتنفيذه ورفض الطرف المتخذ الإجراء ضده تنفيذه.
الخاتمة:
 من خلال هذا البحث اتضح لنا عدة نتائج هي:
1- إن التشريعات الحديثة قد اعترفت لهيئة التحكيم باختصاصها بإتخاذ قرارات مستعجلة وأوامر وقتية.
2- إن اختصاص هيئة التحكيم في إصدر قرار مستعجل ووقتي لا ينعقد إلا باتفاق صريح بين أطراف التجكيم
3- أن السلطة القضائية هي صاحبة الإختصاص الأصيل بنظر الطلبات المستعجلة والوقتية.
4- إن بعض الفقهاء قد أجازوا للأطراف الإتفاق على استبعاد السلطة القضائية من اتخاذ قرارات في الأمور المستعجلة إلا في حالتين:
    أ- إذا قدم الطلب المستعجل قبل انعقاد وتشكيل هيئة التحكيم
  ب­­- إذا كانت تلك التدابير ينوي تنفيذها خارج حدود الدولة التي أصدرت القرار.
5- إن اللجوء إلى القضاء المستعجل لا يعني التنازل عن اتفاق التحكيم
6- إن العلاقة بين القضاء والتحكيم من حيث المساعدة والرقابة تتجلى بأوضح صورها في الطلب من القضاء بإعطاء أمر تنفيذ للقرار المستعجل الصادر عن هيئة التحكيم
7- إن المحكمة المختصة في إعطاء الامر بتنفيذ القرار المستعجل الصادر عن هيئة التحكيم هو محكمة الأستئناف بينما قاضي الأمور المستعجلة قد يكون قاضي الصاح أو رئيس محكمة البداية أو من ينتدبه لهذه الغاية.
8- إن السلطة القضائية حين تمنح الأمر بتنفيذ حكم هيئة التحكيم لا تتدخل في قناعة هيئة التحكيم في توافر حالة الإستعجال وفي وجود الحق الذي يراد حمايته.
9- إن القرار المستعجل الصادر عن هيئة التحكيم لا يحوز حجية الشيء المقضي به إذ يمكن لهيئة التحكيم أن ترجع عنه حال تغير الظروف التي أوجبته
10- إن الحكم المستعجل الصادر عن هيئة التحكيم ليس له قوة تنفيذية ولا يمكن جبر الممتنع عن تنفيذه إلا بحصول الطرف طالب الحجز على أمر بتنفيذه من المحكمة المختصة.
11- إن الحكم المستعجل الصادر عن قاضي الأمور المستعجل بإيقاع الحجز التحفظي يسقط خلال ثمانية أيام من اليوم التالي لصدور القرار إن لم يبادر طالب الحجز التحفظي باتخاذ إجراء لتحريك خصومة التحكيم.
تم بحمد الله
---------------------------------
الهوامش:
(1) محمود السيد التحيوي، مفهوم الأثر السلبي للإتفاق على التحكيم ، دارالمطبوعات الجامعية (2003م) ص 303 
(2) سيد أحمد محمود أحمد، مدى سلطة المحكم في اتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، العددالثالث، (2001م)، ص 97 وما بعدها.
(3) أحمد محمد حشيش، طبيعة المهمة التحكيمية، دار الكتب القانونية، (2001)، ص142 وما بعدها.
(4) أحمد محمود أحمد، المرجع السابق، ص 98.
(5) نريمان عبد القادر، التحكيم، النسر الذهبي للطباعة، (1994)، ص 298
(6)حفيظة السيد أحمد، الإجراءات التحفظية بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم ، مجلة الدراسات القانونية، جامعة بيروت العربية،العددالسابع، تموز(2001م)، ص 195ومابعدها
(7)سيد أحمد محمود أحمد، المرجع السابق، ص110
(8)هدى محمد عبد الرحمن، دور المحكم في خصومة التحكيم ، دارالنهضة العربية ، (1997)،ص357
(9) محمود السيد التحيوي ، المرجع السابق ، ص 302.
(10) فوزي محمد سامي، التحكيم التجاري الدولي، المجلد الخامس، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، (1997م)، ص 295
(11) نريمان عبد القادر، المرجع السابق، ص300وما بعدها.
(12) محمود السيد التحيوي، المرجع السابق، ص299
(13) محمود اليد تحيوي، المرجع السابق، ص293
 

Publié dans droit (arabe)

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article